أكد وجود «اتفاق مبدئي» مع «دولة القانون» وتجنب الإجابة عن مدى التزامه به إيلي شلهوب
انقشع غبار اجتماعات أول من أمس في دمشق على تفاؤل يجتاح طرفيها العراقيين، مقتدى الصدر وإياد علاوي، في وقت لم تصدر فيه أي إشارات تؤكد إطاحة اتفاق التيار الصدري مع دولة القانون. بل على العكس، يبدو أن الأمور في طريقها نحو حكومة شراكة وطنية برئاسة نوري المالكي، تحظى فيها القائمة «العراقية» بحصة معتبرة.
مصادر من شركاء السرّ في المفاوضات العراقية تؤكد أن «السيد مقتدى جاء إلى دمشق بدعوة سورية للوقوف على موقفه من التشكيلة الحكومية»، مشيرة إلى «أنهم جمعوه مع إياد علاوي لكسر الجليد بينهما. تعرف أنهم يتبنون علاوي ويهمهم انفتاح الأطراف العراقية عليه». وأضافت إنه «في خلال لقائه الرئيس (السوري بشار) الأسد، سأله هذا الأخير عما يريد فأبلغه أنه لا يريد المالكي ولا عادل عبد المهدي ولا علاوي. لكن في نهاية اللقاء لمح إليه بما يفيد أنه يمكنه أن يقبل المالكي ولو على مضض»، مشيرة إلى أن «الأسد أبلغ علاوي، في لقائه معه، أن الصدر لا يريد أياً منهم». وتابعت «في لقائه مع علاوي، سأل وفد العراقية الصدر عما يجري الحديث عنه من اتفاق بين التيار الصدري ودولة القانون. أجاب الصدر بأن هناك اتفاقاً مبدئياً حول المعتقلين الصدريين. عندها كرر الحاضرون السؤال عما إذا كان الصدر لا يزال ملتزماً به أم تخلى عنه. إلا أن الصدر أجاب بكلمات عامة ومبهمة، لم يُفهم منها شيء».
وأكدت المصادر نفسها أن «أجواء اللقاء كانت حميمية. خرج الجميع منه فرحين. لم تُبحث رئاسة الحكومة. إلا أنه اتفق على عناوين سياسية عريضة من مثل وحدة العراق، وحكومة شراكة وطنية وما إلى ذلك. رؤية مشتركة تتطلب تنازلات متبادلة، لكنها تؤسس لمرحلة من التعاون والتنسيق في المستقبل، بدأت بتشكيل لجان متابعة»، مشيرة إلى أن «علاوي لم يكن في ذهنه دعوة وسائل الإعلام لتغطية اللقاء، لكنه فوجئ بأن الصدر فعل ذلك».
وتكشف مصادر على اطلاع على حركة وزير الخارجية التركي، أحمد داوود أوغلو، في دمشق أن «غايته الأساسية كانت لقاءه (رئيس الوزراء سعد الحريري). همّه الأساس هذا الغداء الذي جمعه بالحريري والأسد. يريدون تلافي شيء سيقع في لبنان»، مشددة على أن «الأتراك متفهمون للدورين السوري والإيراني ويباركونه».
وأفادت مصادر في الائتلاف الموحد بأن الاجتماع الذي كان مقرراً عقده الاثنين لبحث مرشح تسوية لم يعقد لتغيب وفد التيار الصدري، في وقت أكدت فيه مصادر وثيقة الاطلاع «أن وفداً من المجلس الأعلى عاد من زيارة لطهران أرادها لبحث الملف الحكومي».
وتؤكد مصادر عليمة بشؤون ملف تأليف الحكومة العراقية وشجونه أن «ما يجري حالياً طبخه، يعمل على تنضيجه الإيراني والسوري معاً بمساعدة تركية»، مشيرة إلى أن «الوفد السوري الذي زار طهران أوائل الأسبوع الماضي، عاد بعد أيام إلى دمشق التي لحقه إليها المعنيون بالملف العراقي في إيران».
في المقابل، تتحدث مصادر نجفية متابعة عن أن «الدول الثلاث توافقت على ما يبدو على تحجيم الأكراد، الذين خطوا خلال الأعوام الماضية، مجموعة من الخطوات أكبر من حجمهم. حتى الأميركيون غاضبون على الأكراد. يمتلكون معلومات تؤكد أن تهريب النفط على عينك يا تاجر من كردستان العراق إلى إيران... هي قرصة أذن للأكراد تستمر لمدة أربع سنوات يكون خلالها قد جرت إعادة ترتيب الوضع الداخلي».
وتتابع المصادر نفسها إن «المطلوب إنهاء الوضع الحالي، حيث الكل شركاء أساسيون. من الآن فصاعداً، على كل فئة أن تأخذ بقدر حجمها. حقوقك في إقليمك وضمن حجمك في العراق. هل يعقل استقبال رئيس إقليم كردستان في الخارج استقبال رؤساء الدول»، مشيرة إلى أن «الصدر عندما تحدث عن تنازلات شخصية وافق علاوي على تقديمها، كان يتكلم على رئاسة الحكومة».
أوساط المالكي تؤكد أن «التوجه الآن نحو تحالف دولة القانون والتيار الصدري وجزء من العراقية، مفترضة أن جزءاً آخر لن يقبل بصفقة كهذه، ما يعني أن هذا القسم ومعه المجلس الأعلى والأكراد سيكونون خارج المعادلة». وتضيف إن «أطرافاً كثيرة انزعجت من الأكراد. موقف تركيا منهم متوجس. كذلك حال إيران التي لديها مشكلة معهم. والأميركيون باتوا يعتبرون أن الأكراد

أولويات داوود أوغلو كانت لبنانية: يريدون تلافي شيء سيقع
يفتعلون لهم مشاكل تربك مشروعهم في العراق، ومعروف أن ذلك بالنسبة إلى واشنطن ليس قضية هامشية. انسحابهم أو عدمه مرتبط بمجموعة من التوترات، أسبابها الأكراد: كركوك والمناطق المتنازع عليها وموضع النفط وغيرها من الأمور التي لو انفجرت فلا أحد يستطيع أن يستعيد السيطرة عليها، فضلاً عن أن هناك مشكلة كبيرة بين العرب السنّة والأكراد. حتى العرب الشيعة، صحيح أنهم حلفاء مع الأكراد، لكن في نهاية الأمر لن يقبلوا بكل مطالبهم من مثل أن يعطوهم كركوك والموصل وخانقين وغيرها».
المصادر نفسها لا تتوقّع استبعاد الأكراد من المناصب السيادية الرئيسية الثلاثة، تقول إنها لا «تعتقد أن هناك نية لدى أي طرف لاستبعادهم. أصلاً من الخطأ تجاوزهم، ستخلق كياناً يقاتلك جهاراً ليلاً ونهاراً. لا نريد أحداً أن يعارض لمجرد أنه وضع خارج اللعبة».
أوساط قريبة من المجلس الأعلى ترى أن خياره في هذه الحال سيكون الانتقال إلى صفوف المعارضة تحت عنوان أن «المعارضة أفضل من حكومة كهذه. ماذا تريده أن يفعل؟ أن يكون شريكاً في الجنازة. شاهد زور. لن يقبل بأقل من المشاركة في القرارات التي تحدد مصير البلد. لن يدخل الحكومة كيفما كان».
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الحديث في عدد أول من أمس عن رفض المجلس الأعلى المشاركة في أي حكومة يرأسها المالكي جاء على لسان مصادر نجفية عليمة بكواليس البيت الشيعي، لا على لسان قيادي في المجلس الأعلى كما ذُكر، فاقتضى التوضح.