مع إعلان نجاح تجربة «القبة الحديدية» في إسرائيل، بدأت ترتفع أصوات التشكيك في جدواها، إضافة إلى تكلفتها الاقتصاديّة الباهظة
علي حيدر
تواصل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ضخّ التقارير الإعلامية من فترة إلى أخرى، والتي تتحدث عن خطوات أنجزتها في الطريق إلى بناء منظومة اعتراض صاروخي مضاد للصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى، يقدّر المسؤولون الإسرائيليون أنها تحتاج إلى سنوات من أجل استكمالها. وفيما تشكّك مصادر إسرائيلية في الجدوى العملانية لهذه المنظومات، تركّز مصادر أخرى على التكلفة الاقتصادية الكبيرة لهذه المشاريع. ويرى بعض الخبراء أن وراء هذه المشاريع مصالح اقتصادية لجهات مختلفة.
في هذا السياق، حذرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» من الكلفة الاقتصادية الباهظة لهذا المشروع، وأوضحت أن كلفة كل صاروخ من صواريخ «القبة الحديدية» تقدّر بنحو 50 ألف دولار، في مقابل كلفة صاروخ القسام المقدّرة بنحو 100 دولار أو صاروخ غراد الذي لا يزيد ثمنه على 8 آلاف دولار. وفي محاولة للتقليل من المخاوف الاقتصادية، تشير سلطة تطوير وسائل القتال الإسرائيلية (رفائيل) إلى أن المنظومة الاعتراضية قادرة على تحديد الصواريخ التي تستهدف مناطق مأهولة، وبالتالي اعتراضها، أما الصواريخ التي من المتوقع أن تسقط في أراض مفتوحة، فستُتجنّب للحؤول دون «استنزاف» اقتصادي. وفيما يدرس سلاح الجو اعتماد منظومتين لاعتراض الصواريخ، إحداهما ثابتة في المناطق التي تتعرض للتهديد على نحو دائم، وأخرى متحركة للانتشار السريع، يبدو أن المسؤولين العسكريين يراهنون على التداعيات النفسية للحديث عن نشر هذه المنظومات في صفوف أعداء إسرائيل، إذ نقلت يديعوت أحرونوت عن مؤيّدي نصب منظومة دائمة، أن مجرد نشرها ستكون له «آثار ردعية»، فيما يؤكد المؤيّدون للمنظومات المتحركة أن اعتماد هذا الخيار سيسمح بالتزوّد بعدد صغير نسبياً من المنظومات التي تتحرك من مكان إلى آخر حسب الحاجة.
وقد نقلت صحيفة «هآرتس» عن «رفائيل» ووزارة الدفاع الإسرائيلية رضاهما عن التجارب الأخيرة لمنظومة القبة الحديدية، التي تمكّنت من اعتراض صواريخ أُطلقت من اتجاهات مختلفة، إضافة إلى

صاروخ بقيمة50 ألف دولار لاعتراض آخر بقيمة 100 دولار أو 8 آلاف دولار
قدرتها على تحديد الصواريخ التي تتجه نحو مناطق مفتوحة. وتضيف «هآرتس» أن البطاريتين الأوليين اللتين أُنتجتا ستدخلان حيّز العمل في المنظومة المضادة للطائرات في سلاح الجو الإسرائيلي في تشرين الثاني المقبل. وبحسب مصادر أمنية، فإن بطارية واحدة قادرة على حماية مستوطنة «سديروت» القريبة من قطاع غزة. إلا أنه بالرغم من ذلك، ليس هناك حتى الآن نيّات لنصب هذه البطارية في غلاف غزة، في ظل الهدوء الذي يسود محيط القطاع. أما في حال نشوب مواجهة، فستُنشر هذه المنظومة وفق الاعتبارات العملانية انطلاقاً من الخوف من أن يؤدي إطلاق صاروخ إلى تحديد مكان البطارية، وبالتالي الكشف عن الأماكن المحمىة والأخرى غير المحمية. إلّا أن قرار عدم نشر البطارية في محيط القطاع أدى إلى حالة استياء في صفوف سكان غلاف غزة، الذين يعتزمون تقديم التماس إلى المحكمة العليا في الشهر المقبل بشأن هذه القضية. لكنّ الناطق باسم الجيش رأى أن «موضع بطاريات القبة الحديدة يتقرّر وفقاً لتقويم الوضع الميداني الجاري في الجيش الإسرائيلي»، مشيراً إلى أن «البطاريات متحركة، وهي ستُنصب في المكان الذي يسمح بتوفير حماية قصوى وفقاً لشروط التهديد».