رأى الرئيس السوري، بشار الأسد، أن تركيا هي الوسيط الأفضل الذي لا بديل منه في محادثات سلام محتملة مع إسرائيل، وذلك برغم الفتور في العلاقات بين أنقرة وتل أبيب. ونقلت صحيفة «زمان» التركية عن الأسد قوله، في مقابلة أجراها مع صحافيين أتراك في دمشق أول من أمس، إن «دور التوسط في محادثات غير مباشرة (مع إسرائيل) يعود لتركيا»، موضحاً أنه «يمكن البلدان الأخرى أداء دور داعم فقط، لا أداء دور بديل».
وأبدى الأسد ثقته التامة بأن «تركيا ستنجح في هذا الدور»، لافتاً إلى أنه «لو كنا وجدنا مفاوضاً أكثر نجاحاً، لكنا ذهبنا إليه من دون تردد». وأضاف «لو وجدنا جهة مؤهلة لاستعادة أراضينا والحفاظ على السلام، لكنا قلنا لرئيس الوزراء (رجب طيب) أردوغان، ومع ذلك لم نجد حتى الآن، وسيطاً أفضل».
وعن قدرة سوريا على الانتظار لتطبيع العلاقات بين تركيا وإسرائيل قبل استئناف محادثات السلام، قال الأسد «في هذه اللحظة ليس هناك للأسف أي إرادة للسلام داخل الحكومة الحالية في إسرائيل».
وعن مدى اعتقاده بأن الهجوم على أسطول الحرية استهدف الدور التركي في المحادثات، أكد الأسد أن «عملية استهداف المبادرات التركية بدأت قبل وقوع حادثة سفينة مرمرة». وأوضح أن «إسرائيل انزعجت للغاية من الدور الناجح الذي تقوم به تركيا في إطار عملية السلام، لأن تركيا اضطلعت بدور محايد تماماً من دون محاباة أي طرف، والغرب دعم وشجع هذا الدور من جانب تركيا»، لافتاً إلى أن «اسرائيل وتحديداً حكومة (رئيس الوزراء بنيامين) نتنياهو كانت تحاول إبعاد تركيا عن الوساطة خلال الأشهر القليلة الماضية».
ورأى الأسد أن استئناف المحادثات السورية الإسرائيلية بوساطة تركية قد يكون صعباً في حال عدم تلبية مطالب أنقرة، ولا سيما أن «الآن هناك دم قد أريق»، موضحاً أن تركيا «لا يمكنها أن تتنازل عن دم مواطنيها في سبيل الوساطة، وإلا فإنها قد تخسر وزنها وصدقيتها». وأعرب عن دعمه لمطالب تركيا «المشروعة بالحصول على الاعتذار والتحقيق والتعويض».
وعما تداولته وسائل إعلام تركية بأنه طلب من زعيم غربي زار سوريا استئناف دور الوساطة مع إسرائيل، لفت الأسد إلى أنه «ألح على كل القادة الأجانب الذين أتوا إلى دمشق بالضغط على إسرائيل من أجل جهود السلام»، وأنه أوضح لهم «حيوية دور تركيا في جهود السلام».
وأكد الأسد أن «حقيقة وجود مشاكل بين تركيا وإسرائيل لا تعني التخلي عن مفاوضات السلام»، رافضاً في الوقت نفسه اعتبار المطالب التركية لإسرائيل شرطاً سورياً لاستئناف المفاوضات.
من جهة أخرى، وصف الأسد نهج الرئيس الأميركي باراك أوباما تجاه منطقة الشرق الأوسط بأنه «إيجابي» و«حسن النية»، لكنه أعاد التذكير بأن أوباما لا يزال بعيداً عن تحقيق أهدافه المعلنة بخصوص المنطقة.
ورداً على سؤال عما إذا كان هذا العجز قد أدى إلى أي خيبة أمل من جانبه، قال الأسد «في البدء، أوباما اضطلع بموقف إيجابي تجاهنا، وكانت هناك إشارات إيجابية من وجهة نظرنا. وكان ذا مغزى أنه يفضل الاستماع إلى الطرف الآخر، بدلاً من فرض شيء». وأضاف «بقدر ما أرى نياته جيدة، لكن في النهاية الولايات المتحدة تتحدث عن مصالح لا عن نيات». وأكد أنه «في هذه اللحظة، ليس هناك أي تطورات ملموسة إيجابية، ولكن هناك شيء واضح؛ توجد مؤسسات أخرى في الولايات المتحدة لا تدعم وجهات نظر أوباما بشأن المنطقة».
وحذّر الأسد من أنه «ما دام لا يوجد سلام، فإن حرباً قد تندلع»، مشيراً إلى أنه «ليست هناك تطورات إيجابية في أفغانستان، والعراق أمام نقطة تحول بعد الانتخابات والحكومة لم تؤلف حتى الآن، وهناك الهجمات الإرهابية التي تطلق من داخل شمال العراق ضد تركيا، ومفاوضات السلام مجمدة»، وهذه التطورات «تمثّل خطراً على المنطقة» .
وأكد الأسد أنه «لسنوات عديدة سوف تظل الولايات المتحدة قوة عظمى»، لكنها «لن تكون الوحيدة كما كانت عليه من قبل»، لافتاً إلى أن لديها شركاء أيضاً عليها إما أن «تتعاون معهم أو سوف تواجههم»، ومؤكداً أنه بات يتعين على «الولايات المتحدة القبول بخريطة العالم الجديدة».
ورداً على الادعاءات بوجود تحول في السياسة الخارجية التركية، رأى الأسد أن «علاقة تركيا مع الغرب والاتحاد الأوروبي مهمة على حد سواء لتركيا ولنا»، لافتاً إلى أن «علاقات تركيا مع المنطقة القريبة ليست بديلاً لعلاقاتها مع الاتحاد الأوروبي، لكنها تدعمها». ورأى أنه «إذا أصبحت تركيا أقوى في المنطقة، فإن يديها ستصبح أقوى في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي».
من جهةٍ ثانية، أعرب الأسد عن دعمه لنزع سلاح «حزب العمال الكردستاني» لكي يمكن تحويله إلى حزب سياسي، مشيراً إلى أن «أي حملة ضد الإرهاب يجب أن تتضمن إجراءات سياسية واجتماعية إلى جانب الإجراءات العسكرية». ورأى أن «سوريا وتركيا تنظران إلى الأكراد كجزء من مجتمعنا. هم ليسوا ضيوفاً أو سياحاً»، وخلص إلى القول «نحن لا نريد من الغرب أن يستخدم الأكراد ضدنا».
(الأخبار)