حيفا ــ فراس خطيبغزة ــ قيس صفدي
بعد خمس سنوات من «فكّ الارتباط» عن قطاع غزة، وبعد تغيير صيغة احتلال القطاع من وجود عسكري إلى حصار من الخارج، كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، خطّة أعدَّها وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، لإزالة مسؤولية الاحتلال عمّا يجري في القطاع.
وذكرت الصحيفة أنَّ ليبرمان سيعرض خطة جديدة وصفتها بأنها «انقلابية»، مبيّنةً أنَّها «تغيير كلّي في سياسة إسرائيل في قطاع غزّة». وقالت إنَّ ليبرمان يعتقد أنَّه من خلال خطّته الجديدة سيتحوّل القطاع «بالتعاون مع الأوروبيين، إلى كيان مستقل ومنفصل كلياً»، وأنه «من خلال هذه الخطة، ستحظى إسرائيل باعتراف دولي بنهاية احتلال قطاع غزة».
وفي وثيقة داخلية وسرّية قُدّمت إلى ليبرمان في الأيام الأخيرة كُتب «يجب التوجه سرّاً إلى الولايات المتحدة وإلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ورجال قانون أصحاب باع دولي لفحص الشروط المطلوبة من وجهة نظرهم لنيل اعتراف دولي بنهاية الاحتلال».
ووفقاً للصحيفة، فإن خطة ليبرمان تحوّل تركيز إسرائيل من العلاقات مع السلطة الفلسطينية إلى سلطة «حماس» في غزّة. ويعتقد الوزير الإسرائيلي المتشدّد أنه من الأفضل للدولة العبرية أن تبادر إلى خطوات في مقابل قطاع غزة، ومواصلة سياسة النيّات الحسنة للسلطة الفلسطينية.
وأوضحت «يديعوت أحرونوت» أنّ ليبرمان سيطرح خطته أمام مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كاترين آشتون وستة وزراء أوروبيّين سيزورون تل أبيب الأسبوع المقبل، في مسعى لحشد مساعدة أوروبية لرفع المسؤولية عن القطاع، وتحميل الجهة الحاكمة له هذه المسؤولية، في إشارة إلى «حماس». كما سيطلب ليبرمان من المسؤولين الأوروبيّين أن يطرحوا على حكومة «حماس» إقامة محطة لتوليد الطاقة الكهربائية، ومنشأة لإزالة ملوحة مياه البحر، ومنشأة لتنقية مياه الصرف الصحي.
وسيقترح ليبرمان على الدول الأوروبية أيضاً إرسال قوة عسكرية دولية إلى المعابر الحدودية بين دولة الاحتلال وقطاع غزة لإجبار جميع الجهات المعنية على الالتزام بالتسوية. وبموجب هذه الخطة، فإن إسرائيل ستتنازل عن مطلبها بتفريغ حمولات السفن المتوجهة إلى القطاع في الموانئ الإسرائيلية، على أن تجري أعمال التفتيش الأمني لهذه الحمولات في ميناء ليماسول القبرصي.
ورفضت حركتا «فتح» و«حماس» خطة ليبرمان. وأكّدت «فتح»، على لسان المتحدث باسمها في الضفة الغربية، أحمد عساف، أنّ قطاع غزّة لا يزال خاضعاً للاحتلال الإسرائيلي، وإسرائيل تتحمّل المسؤولية الكاملة بصفتها كيانَ احتلال. وتعهّد عساف التصدّي «لهذه المخططات الاحتلالية، ولن نعترف بها ولن نتعامل معها». وقال إنّ «إسرائيل انسحبت من قطاع غزة انسحاباً أُحاديّاً ودون اتفاق مع منظمة التحرير الفلسطينية، وهذا ما لم يرتّب على المنظمة أيّ التزام سياسي، ولأنّ قطاع غزة يمثّل مع الضفة والقدس وحدة جغرافية واحدة، وهي الأراضي الفلسطينية التي احتُّلت عام 1967، وستقام عليها الدولة الفلسطينية المستقلة». وأوضح عساف أنّ «كشف هذا المخطط الإسرائيلي الذي حذّرنا منه طويلاً، يفرض الآن أكثر من أيّ وقت مضى على «حماس» إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة، من خلال توقيع وثيقة المصالحة التي جرت برعاية مصرية، حتى نتوحّد كفلسطينيين، ونضيع الفرصة على الاحتلال ومخططاته التصفوية».
بدورها، رفضت حركة «حماس»، على لسان المتحدث باسمها سامي أبو زهري، «سلخ غزّة عن فلسطين المحتلة بكل مكوّناتها». وأكّد «عدم إعفاء الاحتلال من المسؤولية القانونية طالما استمر في احتلاله للأرض الفلسطينية»، مشدداً على أن «غزة هي جزء من الوطن الفلسطيني المحتل، ونرفض فكرة سلخها».
وقال أبو زهري إنّ «إسرائيل تطرح هذه الأفكار في محاولة منها للتهرب من مسؤولياتها عن الحصار المفروض على غزة»، مؤكّداً «ضرورة الفصل بين الجانبين، باعتبار أن رفع الحصار يُعدّ مطلباً وحقّاً يكفله القانون الدولي الإنساني». ودعا إلى «فتح المعابر البرية والميناء البحري والطرق المغلقة، وتوفير كل احتياجات القطاع المختلفة دون قيود أو شروط ودون ثمن سياسي».
هذا ومن المتوقع أن تتوجه آشتون غداً إلى غزة للمرة الأولى منذ أربعة أشهر للتعرّف إلى كيفية إسهام الاتحاد في فتح نقاط عبور، بعدما وعدت الدولة العبرية بتحفيف الحصار. ولكن ليس وارداً أن تلتقي ممثلين عن «حماس»، بحسب متحدث باسم المفوضية الأوروبية، مشدّداً على أن «موقفنا كما هو عليه، لا محادثات مباشرة مع حماس».
من جهة ثانية، أعلن وزير الخارجية الإيطالي، فرانكو فراتيني، أنّ زيارة عدد من وزراء خارجية دول الاتحاد إلى غزة، التي كانت مقررة أصلاً في تموز، ستحصل أخيراً في بداية أيلول.