الرئيس المصري «العليل» ظهر مجدداً، كما الحال في كل مرة تنتشر فيها «شائعة» عن تدهور صحته؛ وكأنه يريد أن يكذّب الافتراءات من خلال جدول أعمال كثيف خلال الأسبوعين المقبلين
القاهرة ـــ الأخبار
... وأخيراً ظهر الرئيس المصري حسني مبارك، وتعمد أن يظل واقفاً على قدميه فترة الاحتفال بتخريج الدفعة الـ77 من الكلية العسكرية الجوية، التي شغل منصب المدير فيها خلال فترة تصعيده الى قمة سلاح الدفاع الجوي بالجيش المصري في حرب تشرين الأول ١٩٧٣، ومنها الى نائب الرئيس ليتولى بعد اغتيال سلفه أنور السادات عام ١٩٨١ الرئاسة ويتربّع على عرشها من دون توقف حتى اللحظة.
مبارك الذي قالت الصحف العبرية إن صحته تتدهور، لم تبدُ عليه علامات التدهور خلال الاحتفال الذي أُقيم أمس في مقرّ أكاديمية الطيران بمحافظة الشرقية، شمالي القاهرة. على الرغم من أنه لم يكن في حالة عالية من التجاوب والتفاعل مع المشاركين، بحسب ما أظهرت لقطات الحفل التي وزعتها القنوات المرئية مباشرة على الهواء. واكتفى الرئيس التلويح بيديه للمتخرجين، وكان في أغلب اللقطات شارداً!
الاحتفال كان على رأس جدول مشحون للرئيس مبارك. كما أنه ليس الأخير على المستوى العسكري، فهناك أيضاً احتفالات الكلية الحربية والفنية العسكرية، إضافة الى الاحتفال الرسمي بمناسبة قيام ثورة تموز.
على جدول أعماله خلال الأيام المقبلة أيضاً، اللقاءان اللذان أثارا تكهنات كثيرة بسبب تأجيلهما، وحُدّد لهما موعد في اليوم نفسه، بعد غدٍ الأحد، وهما لقاء رئيس الحكومة العبرية بنيامين نتيناهو، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن)، على أن يلتقي كلاً منهما على انفراد. اللقاءات الرسمية مع الزعماء ستبدأ يوم غدٍ السبت، بحيث سيلتقي الرئيس المصري نظيره الصومالي شيخ شريف أحمد، الذي يقوم بزيارة للعاصمة المصرية تبدأ غداً. ويوم الثلاثاء، موعد مع الرئيس التركي عبد الله غول، الذي يصل إلى القاهرة أيضاً في زيارة رسمية تستغرق يومين.
إضافة الى اللقاءات الثنائية، تتضمّن أجندة مبارك، كما سرّبتها مصادر مقربة من الرئاسة، مشاركات في قمم أفريقية ودولية، منها قمة «كمبالا»، المقرر عقدها نهاية الشهر الحالي.
والمصادر التي كذّبت تعلعل صحة مبارك خلال الأيام الماضية، سعت الى تفسير تأجيل لقاء مبارك ونتنياهو على أنه مراعاة من رجل دولة يعرف المسؤولية رفض أن يلتقي رئيس الحكومة العبرية بينما سفينة المساعدات الليبية الى قطاع غزة تستعد للوصول الى ميناء رفح.
ومصدر آخر رأى أن من حق الرئيس الحصول على اجازات للنقاهة الطبية أو زيارات للمتابعة الطبية من دون إعلان، وضمن اجازته السنوية، من دون أن يعدّ هذا تلميحاً الى وجود خطة لدى مبارك لرحلة علاج أخرى وجهتها ألمانيا وبالتحديد ميونيخ، بحسب ما ذكرت الأنباء التي كُذّبت. تلويحة الكلية العسكرية الجوية، كان لها أثر مدهش على خفض حجم الاهتمام بالحالة الصحية للرئيس، وهو اهتمام يعبر عن حالة قصوى من الفراغ قد يؤدي الى فوضى في حال الغياب المفاجئ لمبارك، فالأخير الذي يسرع الى عامه الثالث والثمانين لا تزال لديه قدرات جمع الأمور كلها في يد واحدة.
والإنجاز الذي يحققه مبارك على الدوام هو الظهور التالي بعد كل شائعة. فيبدو دوماً كأنه إجلاء حقيقة أو دحض افتراءات. وهنا يظهر الرئيس كأنه يتحدى أعداء الدولة وينتصر، لا في معركة المرض، ولكن في معركة التغيير السياسي المحتدمة على أرض الواقع. وتبدو معها حكايات المرض والعودة الى الظهور كأنها جولات حرب غير معلنة، لا من حيث أطرافها، ولا موضوعها. لكنها بالنسبة إلى قطاعات هامشية، تتعامل بسخرية لاذعة، فإنها ترى ما يحدث بأنه «مسلسل مسلّ على هامش الصراعات السياسية الثقيلة».