واشنطن ـ محمد سعيد خاص بالموقع- يجري الرئيس الأميركي باراك أوباما الثلاثاء في البيت الأبيض محادثات مع رئيس الحكومة الإسرائيلية تتناول الانتقال بمحادثات التسوية غير المباشرة الجارية حالياً بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل إلى محادثات مباشرة، فيما لا يبدو في الأفق ما يشير إلى أنّ إسرائيل تعتزم تمديد تجميد النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس الذى فرضه نتنياهو تحت ضغوط من جانب أوباما الذي بدونه لن تستمر السلطة الفلسطينية في المفاوضات غير المباشرة.
والأمر الأصعب بالنسبة إلى أوباما هو التجميد الشامل للاستيطان الإسرائيلي الذى يجعل من المتعين على الولايات المتحدة حالياً التعامل مع مجموعة متنوعة من القيادات الإسرائيلية ابتداءً ممن يوصفون بالحمائم مثل وزير الدفاع إيهود باراك وأصحاب الخط المتشدد مثل وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان.
وتمتد تكتيكات أوباما لتشمل عدداًَ من مختلف الجماعات اليهودية داخل الولايات المتحدة التي تنتهج مسارات مختلفة حيال ما إذا كان ينبغي لإسرائيل تقديم تنازلات أو لا. والمؤكد أنّ المهمة صعبة في ضوء انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في تشرين الثاني المقبل، وأنّه ينبغي للرئيس الأميركي ألا يستبعد المنطقة العربية وجوارها من دائرة مخاوفه السياسية.
وقد أبدى أوباما رغبة بالفعل في الوقوف بجانب نتنياهو الذي لا تزال وجهات نظره في اتفاقية السلام «لغزاً» بالنسبة إلى أي طرف باستثنائه.
وذكرت صحيفة الغارديان البريطانية أنّ العديد من التساؤلات تُثار في الأوساط الأميركية عن «جدوى دعم الولايات المتحدة الثابت لإسرائيل» وهي تساؤلات من النادر طرحها في واشنطن. وأوضحت أنّ شعار «التحالف الأميركي الحميم مع إسرائيل مفيد للولايات المتحدة وإسرائيل» ظل لسنوات لا يقبل النقاش من جانب السياسيين الذين لا يقبلون أقل من التأييد الثابت.
لكنّ الصحيفة قالت في تقرير نشرته الاثنين إنّه أصبح هناك سؤال الآن على خلفية زيارة نتنياهو لواشنطن لرأب الصدع في العلاقات مع البيت الأبيض. سؤال كان من النادر توجيهه حتى وقت قريب، وهو: هل تهدد إسرائيل أو على الأقل الحكومة الإسرائيلية الحالية أمن الولايات المتحدة والقوات الأميركية؟
وقالت الصحيفة إنّ نتنياهو كان يفضل أن ينظر إليه باعتباره حليفاً لا غنى عنه في مواجهة ما تسميه إسرائيل وأنصارها في الولايات المتحدة «الإرهاب الإسلامي». لكن «إصراره على المضي قدماً في بناء المستوطنات اليهودية في القدس الشرقية، وهو ما سبب خلافاً عميقاً مع واشنطن، ينظر إليه على أنّه دليل على عدم وجود رغبة جادة في إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة».
وأضافت الصحيفة أنّ «هذا بدوره يثير العداء تجاه الولايات المتحدة في أجزاء أخرى من الشرق الأوسط وخارجه، حيث ينظر إلى أميركا على أنّها درع حماية لإسرائيل».
وكان أوباما قد كرر القول في الأشهر الأخيرة إنّ حلّ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يصبّ في مصلحة الأمن القومي الأميركي.
وواجه جوزيف بايدن، نائب الرئيس الأميركي نتنياهو على انفراد وقال له: «سياسات إسرائيل تعرض للخطر القوات الأميركية في العراق وأفغانستان». كذلك فإنّ قادة عسكريين بارزين مثل الجنرال ديفيد بترايوس يرون أنّ استمرار احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية هو عقبة في سبيل حلّ الصراعات في المنطقة العربية وجوارها التي تُعَدّ الولايات المتحدة طرفاً فيها في العراق وأفغانستان.
وقالت الصحيفة إنّ الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية هدد العلاقات الأميركية مع تركيا، وهي حليف استراتيجي مهم لأميركا.
وتناولت الصحيفة تقريراً قدمه مسؤول في الاستخبارات الأميركية إلى وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون في الشهر الماضي، ونشره بعد ذلك أنتوني كوردسمان الخبير في السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، يشير إلى وجود تحوّل في التفكير في البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية، وربما الأهم في وزارة الدفاع بشأن تأثير دعم واشنطن الثابت منذ فترة طويلة للسياسات الإسرائيلية، حتى تلك التي قوضت فرص السلام مع الفلسطينيين.
ومن بين ما تضمنه التقرير «حان الوقت لأن تدرك إسرائيل أنّ لديها التزامات تجاه الولايات المتحدة مثل التزامات الولايات المتحدة حيالها».
وأشارت الصحيفة إلى تصريحات كبير مستشاري أوباما السياسيين ديفيد اكسلرود الذي وصف خطط البناء في المستوطنات بأنّها «تهدف في ما يبدو لتقويض جهود استئناف محادثات سلام جديدة». وأضاف أنّ «من المهم لأمننا أن نتحرك إلى الأمام، ونحل هذه المشكلة الصعبة جداً».
وقالت الصحيفة إنّ نتنياهو سعى إلى تجنب هذه المسألة عندما خاطب جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل في واشنطن في وقت سابق من هذا العام، مشيرة إلى أنّ إسرائيل ظلت لعقود «حليفاً في مواجهة توسع الاتحاد السوفياتي وأنّها تقدم نفسها حصناً مهماً لأميركا في وقف تيار التشدد الإسلامي». لكن الصحيفة قالت إنّ هذه الذريعة لم تعد مقبولة من جانب الأميركيين حالياً.
غير أنّ كوردسمان يعتقد أنّ من السابق للأوان معرفة ما إذا كان نتنياهو قد أدرك تماماً هذا الأمر، على الرغم من أنّه لن يكون هناك تغيير في الضمانات الأمنية الأساسية لإسرائيل من جانب الولايات المتحدة. لكنّه قال إنّ «أيام الشيك على بياض قد ولّت».
ويذكر أنّ الولايات المتحدة حققت بالفعل أخيراً بعض ما كان يطالب به نتنياهو، من دفع مجلس الأمن إلى إصدار قراره يوم التاسع من حزيران الماضي بتشديد العقوبات على إيران تبعها توقيع أوباما يوم الجمعة الماضي على قانون بفرض عقوبات إضافية على إيران، مروراً بتقديمه لإسرائيل مساعدات عسكرية جديدة ومساعدتها على تحسين علاقاتها مع تركيا ووقوفه ضد إحدى الحملات الدولية لنزع شرعيتها.