أنقرة تحدّد خريطة طريق الخروج من الأزمة... وتل أبيب «ليـست خائفة» مهدي السيد
بعد ساعات على تهديد وزير الخارجية التركي، أحمد داوود أوغلو، بقطع العلاقات مع إسرائيل ما لم تستجب لمطلب الاعتذار من تركيا وتعويض عائلات شهداء أسطول الحرية، رد وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، بالقول إن الدولة العبرية لا تعتزم تلبية مطلب تركيا بالاعتذار. وأضاف، بعد لقائه بوزير خارجية لاتفيا أثناء زيارته لها، «ليس لدينا أي نية للاعتذار. نعتقد أن العكس هو الصحيح».
وكانت صحيفة «حرييت» التركية اليومية قد نقلت عن داوود أوغلو قوله إن إسرائيل أمامها ثلاثة خيارات «إما أن تعتذر أو تقبل النتائج من لجنة دولية تحقق في الهجوم أو أن تقطع تركيا علاقاتها معها». وتابع «إنهم مدركون لطلباتنا، إن لم يشاؤوا الاعتذار، عليهم إذاً القبول بتحقيق دولي»، مشيراً إلى أن تركيا «لن تنتظر القرار الإسرائيلي إلى ما لا نهاية».
وأوضح داوود أوغلو أن أنقرة بانتظار إنشاء لجنة تقصي حقائق مدعومة من الأمم المتحدة. وقال «سنضع خريطة طريقنا استناداً إلى هذا التطور». وتابع «نريد أيضاً أن نمنح فرصة للدول التي تريد إصلاح العلاقات بين تركيا وإسرائيل»، في إشارة منه إلى الولايات المتحدة حيث من المقرر أن يلتقي بنيامين نتنياهو الرئيس باراك اوباما اليوم. وقال إن اللقاء سيكون مهماً لمستقبل العلاقات التركية ـــــ الإسرائيلية.
وأعلن داوود أوغلو أن تركيا وضعت خريطة طريق تشمل إجراءات ستتخذها ضد إسرائيل ما لم تلبّ المطالب التركية. وقال «إن المجال الجوي التركي مغلق بالكامل أمام الطائرات العسكرية الإسرائيلية». وأضاف إن الحظر قد يمتد ليشمل الطائرات التجارية الإسرائيلية. وتطرق الى ما يقال عن أن بلاده غيرت سياستها الخارجية. وقال إن هدف هذه الأقاويل هو «فرض ضغط نفسي على تركيا للضغط على سياساتها الخارجية». وأضاف «يجب ألا نقنع أحداً بمبادراتنا الدبلوماسية، إن كنا نقوم بأمر ما فهو لمصلحة تركيا».
مواقف داوود أوغلو هذه استدعت مواقف عدة صدرت عن مسؤولين إسرائيليين صبت بمجملها في خانة رفض التهديدات التركية، وربط الأزمة التركية ـــــ الإسرائيلية بتحولات تركية داخلية.
وفي هذا السياق، قال وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك، إنه عارض عقد اللقاء السري بين وزير الصناعة والتجارة بنيامين بن أليعازر ووزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو في بروكسل يوم الأربعاء الماضي.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن باراك قوله، خلال اجتماع لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، إنه «كان واضحاً أن اللقاء غايته طرح ادعاءات وشكاوى تركية على إصابة مواطنيهم وقتلى الأسطول وللمطالبة بتعويض عائلات الجرحى والقتلى، ولذلك اعتقدت أنه ليس صائباً الالتقاء معهم في هذا الوقت».
وقال باراك إنه خلال زيارته إلى الولايات المتحدة قبل أسبوعين جرت محاولة من الجانب التركي لعقد لقاء بينه وبين داوود أوغلو، لكنه رفض ذلك. وأضاف إنه عندما عاد إلى إسرائيل سأله نتنياهو عن رأيه بشأن لقاء بن اليعازر مع داوود أوغلو ورد قائلاً إن «التوقيت الحالي ليس مناسباً».
ورأى باراك أن «ما يحدث بيننا وبين الأتراك لم يبدأ في اليومين الأخيرين ولا حتى في الشهرين الأخيرين، فهذا ناجم عن تحولات داخلية تحدث في تركيا وتعاظمت منذ رفض ضم تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، وبمعنى معين تضرر التوازن داخل المؤسسة السياسية التركية نفسها بصورة أدت إلى إضعاف الجهات التي لديها ارتباط بالغرب والتعاون مع إسرائيل».
وأضاف إنه «رغم كل هذه التطورات، فإننا لسنا معنيين بالوصول إلى صدام مع تركيا لكن سيكون من غير الصائب أن نغلق أعيننا عن التحولات الني نراها في تركيا».
وفي سياق الرد على مواقف داوود أوغلو، قال مسؤولون سياسيون إسرائيليون إن إسرائيل ليست خائفة من «تهديدات» تركيا بقطع علاقاتها الدبلوماسية معها.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن «تركيا لا تتصرف بشكل يدل على أنها مهتمة بإعادة العلاقات إلى وضع سليم وتحاول جر إسرائيل إلى مشادات علنية ستقود إلى عمل متطرف». ونقلت الإذاعة العامة الإسرائيلية عن مسؤول سياسي قوله إن «من يتبع لهجة التهديدات والإنذارات هو بالتأكيد ليس مهتماً بالاستجابة لمطالبه، وإنما بإيجاد ذريعة لتنفيذ خطوات متشددة، وهذه الذرائع لن تقنع الرأي العام في أوروبا والولايات المتحدة إذا ما قررت تركيا تنفيذ تهديدها» بقطع العلاقات مع إسرائيل.
في هذه الأثناء، كشفت صحيفة «معاريف» عن وثيقة صاغتها وزارة الخارجية الإسرائيلية تتضمن أساليب العمل المطلوبة من اسرائيل في مواجهة الأزمة مع تركيا، وذلك قبل وقت قصير من اللقاء الأخير بين داوود أوغلو وبن أليعازر. وأشارت إلى أن الوثيقة صيغت بأسلوب «افعل» و«لا تفعل»، وحصلت على موافقة أرفع مستوى في الوزارة. وجاء في التوصيات: «يفضل حتى إشعار جديد عدم إرسال رسائل او مبعوثين الى تركيا، ولا سيما على خلفية السياسة التركية والجهد السياسي التركي المتطرف، واللاذع للمس بمكانة اسرائيل وصورتها في العالم، وتسويد وجهها». كذلك جاء في الوثيقة أن «المطالب الكثيرة التي توجهها تركيا الى إسرائيل هي تسلق شجرة عالية. والتوصية هي عدم استجابة مطلب الاعتذار أو مطلب دفع تعويضات. في الوضع الحالي، تتوقع تركيا أن تقترح عليها إسرائيل سلالم تساعدها على النزول عن الشجرة ولا ينبغي الوقوع في هذا الشرك. السلوك الاسرائيلي والرد على مطالب تركيا سيؤثران تأثيراً حاسماً في صياغة ديناميكية العلاقات بين الدولتين في المستقبل. إن توجهاً اسرائيلياً دفاعياً معتذراً سيضمن استمرار توجه تركي مشاجر».
إلى ذلك، ذكرت صحيفة «معاريف» أن أنقرة ألغت مناورة بحرية مشتركة مع سلاح البحرية الإسرائيلي، وأن الأمر يتعلق بمناورة تتضمن عمليات بحث وإنقاذ «ريلنت مرميد»، التي تجري منذ عقد وتستضيفها تركيا.