لا تزال تبعات قرار منع إدخال مواد البناء إلى مخيم برج البراجنة سارية المفعول. فبعدما وعدت الوكالة بأن يجري مشروعها بخير وسلامة، إلا أن المحظورات على الوكالة وأبناء المخيم لا تزال قائمة. هكذاسيؤثر قرار منع القوى الأمنية إدخال مواد البناء على مشروع الأونروا وسكان المخيّم
قاسم س. قاسم
كان من المفترض في 29 أيار الماضي أن تسمح السلطات الأمنية اللبنانية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) ولعمالها بإدخال مواد بناء إلى مخيم برج البراجنة لإكمال عملهم في مشروع الوكالة المتوقف حالياً في المخيم بسبب منع إدخال مواد البناء الساري منذ أكثر من خمسة اشهر. حينها قالت مصادر في الاونروا انها بانتظار وضع اللمسات الاخيرة للاتفاق الذي تم بين الوكالة وقيادة اركان الجيش اللبناني، والقاضي بتسجيل ارقام الآليات التابعة للوكالة للسماح لها بدخول المخيم دون ان يعترضها أحد. الاتفاق كان من المفترض ان يبدأ العمل به في 31 ايار الماضي، لكن حتى يومنا هذا، لا تزال الاونروا بانتظار السماح لها بإدخال مواد البناء التي تحتاجها، من دون مشاكل وعقبات كالتي أوقفت ورشتها هنا، مع العلم بأنه سمح للاونروا في الاسبوع الماضي بإدخال ثلاث جبّالات باطون لكن.. من دون باطون! «يمرر» أبناء المخيم مضطرين مواد بنائهم بطرق ملتوية الى المخيم، اما بالنسبة للاونروا فلا جديد عندها، وخصوصاً بعد اكثر من اسبوعين على قرار السماح المفترض بإدخال مواد البناء التي يحتاجها الى المخيم. إذاً، ضرب اليأس رسمياً المعنيين بالمشروع، ان من ناحية المشرفين عليه او المتابعين له من جانب الوكالة. «سلمنا بأنهم لن يسمحوا لنا بإدخال اي شيء الى المخيم، الآن يجري العمل على المستوى السياسي، آملين من المفوض العام للوكالة فيلبو غراندي ان يطرح هذا الموضوع مع رئيسي الجمهورية والحكومة للسماح لنا بإكمال المشروع» يقول احد المسؤولين في الاونروا. هكذا، وبعد لقاء غراندي مع المسؤولين اللبنانيين وبعد اعلانه لـ«الاخبار» بأن الموضوع قد طُرح مع المسؤولين اللبنانيين وانه حل مع السلطات. سمحت القوى الامنية منذ اسبوع للاونروا بإدخال مواد البناء التي تحتاجها، الا ان القوى الامنية عادت ومنعتها من ذلك لاسباب غير معروفة. مسألة المنع غير معروف من يتحكم بها، وخصوصاً ان رموز الدولة سمحوا للاونروا بمتابعة عملها، الا ان ما يجري على الارض يخالف ذلك. ويقول ابو رياض المسؤول في اللجنة الشعبية ان «اللجنة تتوجه الى قيادة المنطقة هناك فيحوّلوننا الى مديرية قوى الامن الداخلي، من هناك يحوّلوننا الى استخبارات الجيش ضمن الضاحية، لكن الاونروا حُوّلت الى وزارة الدفاع، ووزارة الدفاع قالت ان المسألة هي بيد قائد منطقة الضاحية وهكذا دواليك». يضيف «أعتقد أن هناك قراراً نهائياً بمنع إدخال مواد البناء الى المخيم والدولة اللبنانية لا تريد اعلان ذلك، بل تخبرنا بالأمر عبر مماطلتها التي تعتمدها معنا كلجنة شعبية ومع الاونروا». وبما ان الوكالة لا يمكنها ان تخالف القانون اللبناني مثلما يفعل ابناء المخيم مضطرين، فهي مجبرة على سلوك الصراط المستقيم لانها وكالة رسمية دولية. لكن على ما يبدو فإن الصراط المستقيم الذي تسير عليه الاونروا سيوصلها الى «جهنم» تأخير تسليم مشروعها، لأنه حتى الآن لم تحصل على تصريح رسمي فعلي للسماح بإدخال مواد البناء دون اعتراض القوى الامنية او مزاجيتها. المماطلة في السماح بإدخال مواد البناء لمشروع الاونروا، سيسبب مطّ مشروع البنى التحتية لمخيم البرج لما بعد موسم الشتاء، ما سيعيد اللاجئين الى مأساتهم التي وعدوا بالخروج منها هذا العام، ألا وهي طوفان مياه المجاري الصحية من المخيم على بيوتهم. هكذا، رمت كل جهة امنية لبنانية المسؤولية على الاخرى. بالنسبة لقيادة الجيش التي طلبت مخططات المشروع من الاونروا التي لم تجد مشكلة في اكماله وأعطت موافقتها المبدئية عليه لمسؤول المشروع وطلبت من المسؤولين في الوكالة مراجعة قائد قوى الامن الداخلي في الضاحية الجنوبية لوضع آلية جديدة للسماح لها بإكمال عملها. أما بالنسبة لقوى الامن الداخلي فرفضت السماح بإدخال المواد بحجة ان المسألة عند الجيش. هكذا، ازدادت عملية الأخذ والرد بين قوى الامن الداخلي والجيش من جهة والاونروا من جهة أخرى. أما آخر ما وصل للوكالة من القوى

ازداد الأخذ والرد بين قوى الامن الداخلي والجيش والاونروا

الامنية حسب مصدر فيها، فهو أن «البناء سيبقى ممنوعاً حتى إقرار مجلس الوزارء اللبناني السماح بإدخال مواد البناء الى المخيم، لأن مخططات المشاريع التابعة للوكالة مطروحة على جلسة مجلس الوزراء» كما يقول احد مسؤولي الاونروا. أما أبناء المخيم واللجان الشعبية الموجودة فيه، فهم قد انتظروا رد الدولة اللبنانية على ما طرحه غراندي عليهم والذي جاء إيجاباً بالقول وسلباً على أرض الواقع، قبل أن يبدأوا بتحركات سلمية سيقومون بها للمطالبة بالسماح بإدخال مواد البناء الى مشروع الاونروا. من جهته يتساءل أمين سر اللجنة الشعبية لمنظمة التحرير حسني ابو طاقة «كيف لا تزال مواد البناء تدخل الى أبنية غير شرعية في المخيم، وكيف لا يزال العمل سارياً فيها مع العلم أنها كانت هي السبب الرئيسي وراء صدور قرار المنع، بينما مشروع شرعي تابع للاونروا يستفيد منه ابناء المخيم ان من ناحية مياه الشفة التي ستتأمّن للبيوت، أو منع طوفان مياه الصرف الصحي عليها، يمنع إدخال مواد البناء اليه»؟


وعدت الأونروا أبناء المخيمات منذ سنتين أن تعمد إلى إعادة تأهيل البنى التحتية لمخيم برج البراجنة بسبب الطوفانات التي تتعرض لها مناطق المنخفضة في المخيم بسبب الأمطار والمياه الآسنة. وبعد عملية أخذ ورد بين الوكالة والسوق الأوروبية المشتركة بسبب الأزمة المالية العالمية، انطلق المشروع الذي هو عبارة عن مد شبكة صرف صحي جديدة وحاووزين لمياه الشرب. لكن مع قرار المنع الذي تمارسه قوى أمن الداخلي على الأونروا سيتأخر إنهاء المشروع مما سيسبب مشاكل للفلسطينيين والمهندس عنه من ناحية التكلفة الإضافية التي قد يتكبدها.