أنقرة جدّدت المطالبة باعتذار وتعويض... وليبرمان مستاء علي حيدر
كشفت تقارير إعلامية إسرائيلية، أمس، عن أن اللقاء السرّي الذي جمع وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو ووزير التجارة الإسرائيلي بنيامين بن أليعازر أول من أمس، في بروكسل، حصل بضغط من الرئيس الأميركي باراك أوباما.
وبحسب التقارير الإسرائيلية، جدّد أوغلو، خلال اللقاء، مطالبة تركيا بتقديم إسرائيل اعتذاراً عن الهجوم على أسطول الحرية، والذي أدى إلى مقتل 9 ناشطين أتراك.
وأكد وزير الخارجية التركي، أمس، حصول اللقاء في بروكسل، مشيراً إلى أنه جاء بطلب من الجانب الإسرائيلي.
ونقلت وكالة أنباء «الأناضول» عن المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية بوراك أوزوغرجين قوله للصحافيين، في مطار إسنبوغا الدولي في العاصمة أنقرة، إن «أوغلو التقى بن أليعازر، وكان الجانب الإسرائيلي هو الذي طلب إجراء مثل هذا اللقاء في بروكسل». وأشار إلى أن الوزيرين ناقشا الوضع الحالي للعلاقات التركية ـــــ الإسرائيلية. وأضاف أن أوغلو ذكّر بن أليعازر بأن تركيا تتوقع اعتذاراً من إسرائيل، وتعويضاً لعائلات الذين قتلوا وجرحوا، إضافة إلى قيام لجنة دولية بالتحقيق في الهجوم إلى جانب رفع الحصار المفروض على غزة، مشيراً إلى أن بن أليعازر طمأن داوود أوغلو إلى أن المطالب التركية ستنقل إلى الحكومة الإسرائيلية.
وأثار إعلان اللقاء «السرّي» اهتماماً استثنائياً في الصحافة التركية التي كشفت عن بعض تفاصيله، وتوقعت أن يثير النبأ غضب البرلمان التركي، الذي قد يحاسب الحكومة على فعلتها.
ونقلت صحيفة «توداي زمان» عن مصادر تركية أنّ الاجتماع حصل في أحد أجنحة فندق «كراون بلازا» المحاذي لمبنى المفوضية الأوروبية في بروكسل، وحضره، إلى جانب داوود أوغلو، نائب وزير الخارجية التركي، فريدون سينيرلي أوغلو، المعروف بأنه كان الوسيط المباشر بين سوريا وإسرائيل في الجولات الخمس للمفاوضات غير المباشرة التي قادتها تركيا، وأصبح لاحقاً المسؤول التركي المفاوض مع الأرمن قبل إعلان البروتوكول الشهير بوساطة سويسرية.
وتوقّعت «توداي زمان» أن تسعى المعارضة التركية إلى الاستفادة من اللقاء السرّي لمهاجمة الحكومة في البرلمان، في أول فرصة ممكنة.
اللقاء السرّي أيضاً أثار امتعاض وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، الذي أعرب عن استيائه الشديد منه. وقال إنه أضرّ بعلاقته برئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. وأصدر مكتب ليبرمان بياناً قال فيه «إن وزير الخارجية ينظر بخطورة شديدة إلى كون اللقاء حصل من دون علم وزارة الخارجية»، واصفاً هذه الخطوة بأنها تُعدّ «مسّاً بكل معايير الإدارة السليمة، ومسّّاً شديداً بالثقة بين وزير الخارجية ورئيس الوزراء». في المقابل، رأى مقرّبون من بن أليعازر أنه كان من السليم إخفاء اللقاء عن ليبرمان الذي له «دور ذو مغزى في إشعال الأزمة مع تركيا».
ولم يكتف ليبرمان ببيان صادر عن وزارته، بل وصف عقد اللقاء، خلال مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية، بأنه «خطأ»، لكونه حصل في الوقت الذي تتمسّك فيه تركيا بمطالبها المتشددة إزاء إسرائيل، عقب قضية اعتراض السفينة التركية في طريقها إلى غزة قبل شهر.
وأضاف ليبرمان أنه كان حرياً بديوان رئاسة الوزراء التشاور مع وزارة الخارجية بشأن اللقاء، معرباً عن استغرابه أن يكون خارج الصورة، في الوقت الذي كان فيه «وزير الدفاع وغيره من المسؤولين الكبار على علم بالمسألة، وقد نُسّقت كل العملية مع الولايات المتحدة».
أما بخصوص تداعيات هذه الخطوة على تركيبة الحكومة، فقد استبعد ليبرمان أن يؤدي التوتر بينه وبين نتنياهو إلى خروج حزب «يسرائيل بيتنا» من الحكومة، مؤكداً أن الائتلاف الحكومي «قوي ومستقر».
وحاول المسؤولون في مكتب نتنياهو تهدئة خواطر ليبرمان بالقول إن «الوزير بن أليعازر أبلغ رئيس الوزراء بطلب وُجّه إليه من شخصية تركية بشأن لقاء غير رسمي، ورئيس الوزراء لم ير مانعاً من عقد مثل هذا اللقاء». كذلك أرجع المكتب عدم إبلاغ ليبرمان باللقاء إلى «أسباب تقنية».
وفي السياق، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن مسؤولَين تركيَّين رفيعَي المستوى أطلقا، خلال نقاش مغلق جرى في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، تحذيرات بشأن عمق الأزمة ومستقبل العلاقات بين الدولتين. وقالت إن مستشار رئيس الوزراء التركي، الدكتور إبراهيم كلين، رأى أن مقتل تسعة مواطنين في أسطول الحرية أدى إلى «جرح عميق» في المجتمع التركي. أما السفير التركي في واشنطن، السفير السابق في إسرائيل، نيك تان، فقد أوضح أن «إسرائيل على شفا فقدان أحد أفضل أصدقائها، وفي الطريق إلى العزلة الدولية. الدولتان متألمتان، ونحن بحاجة إلى شريك ثالث وحيادي يساعد على حل المشكلة. الكرة في الملعب الإسرائيلي. نحن لا يمكننا أن نقوم بالخطوة الأولى. نحن لا نطلب الكثير، فقط الاعتذار».
وذكرت «يديعوت أحرونوت» أن وفداً من قياديين في حزب العدالة والتنمية لقي معاملة «باردة ومهينة»، خلال زيارة له في الأيام الأخيرة إلى واشنطن لشرح موقف حكومة أردوغان من المسألة الإيرانية ومن قضية أسطول الحرية. ولفتت الصحيفة إلى أن تعليمات البيت الأبيض حظرت على الموظفية العليا اللقاء مع الوفد التركي. وعندما نجحت السفارة التركية في تنظيم عدد من اللقاءات للوفد، قابله عدد من الموظفين من ذوي الرتب الدنيا.