يشهد العراق، اليوم، فصلاً جديداً من تدويل أزمته الحكومية التي تبدو عصيّة على الجميع، في الداخل والخارج. أما نوري المالكي، فارتأى مخاطبة «المجتمع الدولي» عن طريق التحذير من أنه لن تكون هناك حكومة ما دامت «التدخلات الإقليمية مستمرة»
واشنطن ــ محمد سعيد
استبق رئيس الوزراء العراقي، المنتهية ولايته، نوري المالكي، جلسة مجلس الأمن الدولي المقررة أن تبحث اليوم تقرير ممثل الأمم المتحدة الخاص بالعراق إد ميلكرت حول تطورات الأوضاع السياسية والأمنية فى العراق، ليتهم «التدخلات الإقليمية» بالتسبب بالأزمة الحكومية الحالية. وشدد المالكي، في مقابلة مع فضائية «العراقية» الحكومية، أُذيعت في وقت متأخر من ليل أول من أمس، على أنّ رغبته في أن يبقى في المنصب لفترة ثانية «ليست هي العقبة الحقيقية»، مشيراً إلى أن «التدخلات الإقليمية» هي سبب المأزق الحالي.
وتابع «أقول بصراحة، إذا لم يتوقف العامل الإقليمي عن التدخل في مسألة تأليف الحكومة، فلن تتألف الحكومة وستبقى القضية هكذا. وإذا لم يتوقف السياسيون عن فتح الأبواب للتدخلات الإقليمية، فستبقى الدولة بلا حكومة (جديدة)».
وردّ المالكي على إعلان «الائتلاف الوطني الموحَّد» بقطع مفاوضاته مع «دولة القانون»، بالقول «أنا مستعد للتوقيع على ورقة بيضاء وأجمّد ترشيحي، وأطلب من الإخوان في دولة القانون أن يجمّدوا ترشيحي، لكن دعهم (الائتلاف الوطني) يتقدمون بمرشح واحد، لكنهم لا يستطيعون الاتفاق على مرشح واحد».
وانتقد المالكي قادة «الائتلاف الموحد» بشدة، مشيراً إلى أنّهم «لا يعرفون إلا كلمة واحدة، وهي لا نستطيع أن نتفق على مرشح، لكننا نرفض مرشحكم (المالكي)». وأضاف «المشكلة التي أواجهها هي أنهم يقولون ويصرّحون أننا نريد رئيس وزراء ضعيفاً، لا واحداً قوياً، وهذا أمر غريب». وكشف عن «حوار حقيقي لبناء دولة» يجري حالياً مع «القائمة العراقية»، جازماً بأنّ أياً من «العراقية» أو «دولة القانون» لا يمكنهما وحدهما الاتفاق على حكومة من دون وجود التحالف الكردستاني.
على صعيد آخر، يبحث مجلس الأمن الدولي، اليوم، تقرير ميلكرت حول تطورات الأوضاع السياسية والأمنية فى العراق، وخصوصاً العوائق التي تحول حتى الآن دون تأليف حكومة. ويرى باحثون قانونيون أن أي سند قانوني لا يستطيع مجلس الأمن الاستناد إليه في جلسته في ما يُنتظَر بأن يصدره، «فالعلاقة السياسية التي تربط العراق بمجلس الأمن لا تتمتع بصفة قانونية ملزمة».
ولفت الخبير القانوني عبد اللطيف الساعدي إلى أنه «ليس هناك أي سند قانوني لدى مجلس الأمن في ما يصدره، لكون العلاقة بين العراق وهذا المجلس علاقة سياسية، لا قانونية، والآثار هي سياسية بحتة، كأن تسحب الولايات المتحدة يدها من العراق إذا لم تستطع الكتل السياسية تأليف الحكومة».
غير أن عضو «القائمة العراقية» عبد الكريم الخطاب، يعتقد أن جلسة مجلس الأمن هي «ضغط مضاف على الكتل العراقية، ويفتح الباب لمزيد من التدخل الأجنبي في العراق»، مشيراً إلى أنه «إذا لم يتمكن السياسيون في العراق من إدارة بلادهم، فإن الأمم المتحدة ستأتي لتديره بحاكم جديد شبيه برئيس سلطة الاحتلال الأميركي في العراق بول بريمر». ويتوقع محللون ألا تخرج توصيات مجلس الأمن عما قدمته الإدارة الأميركية على قاعدة ضرورة الإسراع بتأليف الحكومة، على أن يحصل ذلك بحلول شهر تشرين الأول المقبل حداً أقصى، وإلا فالأمر «سيصبح مثيراً للقلق»، على حد تعبير قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال ريمون أوديرنو.