المستوى الرسمي الإسرائيلي أعلن أنه «سيتعاون» مع لجنة التحقيق الدولية في مسألة الهجوم الإسرائيلي على «أسطول الحرية»، لكّن من وراء هذا التصريح «خطوطاً حمراء»
حيفا ــ فراس خطيب
العدوان الإسرائيلي على أسطول الحرية لا يزال نابضاً دولياً وداخلياً. وعلى ما يبدو، فإنَّ اللجان الداخلية التي عيّنتها الدولة العبرية للتحقيق في حيثيات العدوان لم تكن رداً مقنعاً للمجتمع الدولي والأمم المتحدة عموماً، ولتركيا خصوصاً.
الأمم المتحدة عينّت أخيراً لجنة دولية لتقصي الحقائق، إسرائيل وجدت نفسها أمام حالة من الإرباك ورهينة سجال داخلي بشأن القضية. من ناحية، هي ليست معنيّة بمثل هذا التحقيق، ومن ناحية أخرى هي أيضاً ليست معنية بنتائج تشبه نتائج التحقيق في «لجنة غولدستون». في نهاية المطاف، عندما تبيّن أن لا مناص من تأليف لجنة دولية تابعة للأمم المتحدة، أعلنت الدولة العبرية «تعاونها» واضعةً «خطوطاً حمراء» لهذا التعاون.
وقد أوضحت مصادر سياسية إسرائيلية في تل أبيب أنه «لم يكن هناك خيّار آخر إلا الاستجابة لمطلب المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة». وتابعت: «كنا نستطيع قبول اعتبارنا رافضين، أو القيام بما قمنا به والمشاركة في تحديد الصلاحيات لإقامة اللجنة والتأثير على مضامينها»، موضحةً أنه «كان من الواضح أنَّ اللجنة ستقوم، معنا أو من دوننا، على الرغم من أن إسرائيل ليست معنية بتحقيق آخر».
إسرائيل، التي قالت إنَّها «ستتعاون» مع لجنة التحقيق، سارعت إلى وضع خطوط حمراء على تعاونها هذا. وقدّ شدّدت المصادر على أن إسرائيل «لن تتنازل»، وأنّ اللجنة لن تحقق مع أطراف مهنية إسرائيلية أو مدنية أو عسكرية، وأنّ عليها «الاكتفاء بالمستندات، وبأقصى حد ممكن أن تحقّق مع أطراف قيادية».
إنّ مجرد قبول مثل هذه اللجنة خلق سجالاً ليس فقط على مستوى السياسيين، بل أيضاً على مستوى الخبراء.
الاختصاصي في السياسة والتنظيم البروفيسور يوسي شاين قال إنه «لم يكن هناك خيار آخر. الحكومة الإسرائيلية قرّرت الانضمام إلى اللجنة، وفي وضع دولي كهذا فإنَّ القرار كان صائباً». وتابع: «لا نقوم دائماً بالأمور الصحيحة منذ البداية، وهذه هي الحياة. أن تكون ذكياً طيلة الوقت هذا أمر صعب. الإخفاقات واضحة وتقرير غيورا ايلاند (اللجنة العسكرية التي حققت في قضية الأسطول) أشار إليها. ونحن نسعى إلى تصحيح هذا الخطأ من خلال مستوى إضافي».
ولكن إلى جانب الخبراء المؤيدين ثمة من يعارض التعاون الإسرائيلي مع لجنة التحقيق. وقالت المحامية الإسرائيلية عيريت كاهان، التي أدارت القسم الدولي في النيابة الإسرائيلية العامة سابقاً، إنه لو أنّ إسرائيل ألّفت لجنة تحقيق رسمية بعد أحداث الأسطول لكان هذا قد أعفاها من إقامة لجنة تحقيق دولية. لكنها هاجمت التعاون الإسرائيلي مع اللجنة، وقالت إنّ على الإسرائيليين أن يقدّموا إجابات إلى الإسرائيليّين لا إلى العالم.