كان ليل شاتيلا مميّزاً السبت الفائت. وسبب هذا التميّز هو حضورالفنان الفلسطيني أبو عرب لإحياء ثالث أيام مهرجانات المخيم. انتظره الأهالي في ساحة الحفل قبل ساعتين على أمل الحصول على صورة تذكارية معه قبل رحيله إلى سوريا

سحر البشير
وصل الفنان الفلسطيني أبو عرب وفرقته إلى محطة شارل حلو في بيروت ظهر أول من أمس، آتياً من مدينة حمص في سوريا. لم يكد الفلسطيني، الذي أتى خصيصاً لإحياء الأمسية الفنية في مهرجانات صيف شاتيلا 2010، يطأ أرض المحطة، حتى سارع المستقبلون إليه يقبّلونه، هم الذين تربّوا على أغانيه أيام الثورة وحرب المخيمات. من محطة شارل حلو إلى مخيم شاتيلا، حيث كان الأهالي في استقباله في «بيت الضيوف» التابع لمركز الشباب والفتوّة. هنا، لا وقت للراحة، إذ تناوب شباب المخيم على إلقاء التحية على «الفنان الأسطورة». ورغم ذلك، لم يبدِ «الأسطورة» انزعاجه من كثرة الزوّار، ولا من أسئلتهم ولا من طلباتهم الكثيرة بأخذ الصور التذكارية إلى جانبه. البسمة حاضرة دائماً، يبادر بها أبو عرب قبل الإجابة عن أسئلة الزائرين. وفي كل مرة يدخل فيها زائر، يبادره بالسؤال: «إنت من وين يا عمي؟».. إن كنت فلسطينياً، فلا بد من أن يجد بطريقة ما صلة قرابة بك، وإن كنت لبنانياً يبتسم ويجيبك: «والنعم».
الثامنة مساءً. يقترب موعد الحفل، فيبادر أحد أبناء المخيم إلى مساعدة «العم أبو عرب» على النزول على الدرج والتوجّه إلى قاعة الشعب، حيث سبقه محبّوه إليها.
الثامنة والنصف مساءً. بدأ الحفل بالنشيدين الوطنيّين اللبناني والفلسطيني، وكلمة للروابط الأهلية والمنظمات الشبابية والأندية الثقافية والرياضية في مخيم شاتيلا، ألقاها الشاب محمود حليمة. وقد أكّد فيها حليمة أهمية الأهداف العامة للمهرجان «التي تتمثّل في التأكيد على الوحدة الوطنية والحقوق المدنية والاجتماعية للفلسطينيّين في لبنان، وحق العودة إلى الديار الأصلية في فلسطين». انتهت الكلمات. وبعد طول انتظار، صعدت فرقة «ناجي العلي» إلى المسرح موجّهة تحية إلى «جماهير الأرض المحتلة»، قبل أن يصعد «ابن شهيد معركة الشجرة»، أبو عرب، يعرّف قائد الفرقة. علت الأصوات المرحّبة، ممزوجة بأصوات المفرقعات النارية. يصعد أبو عرب. يبدأ بالغناء، فيسترجع الحاضرون معه ذكريات الثورة والحماسة. لكن، يا «فرحة ما تمّت»، فانقطاع التيار الكهربائي المتكرّر خلال الأمسية منع البعض من الاستمتاع بكامل الأغنية. لكن، مع ذلك لم يمنع هذا الانقطاع الفنان وفرقته من متابعة الحفل الفني. أرجَع أبو عرب الذكريات إلى أهالي المخيم، واسترجع في أغنياته أسماء شهداء، مثل شهيد مخيم شاتيلا علي أبو طوق.
شارف الحفل على النهاية. لم يتعب أبو عرب من الغناء لأهله الذين بادلوه المشاعر نفسها. غنّى قدر استطاعته. وعند النهاية، قدّمت لجنة مهرجانات شاتيلا درعاً تقديراً إلى الفنان أبو عرب وفرقته الموسيقية، إضافةً إلى درعين آخرين قدّمهما كلّ من نادي الشهيدة دلال المغربي وقناة فلسطين اليوم. وما إن غادر أبو عرب المسرح حتى سارع أهالي المخيم الى اللحاق به لالتقاط الصور التذكارية معه، قبل ذهابه إلى العشاء التكريمي في رابطة أهالي مجد الكروم. رحل أبو عرب، لكنّ الأمسية الفنية لم تتوقف في ساحة القاعة، فبعد العشاء عاد أبو عرب للغناء، ولكن لينافس الحاج أبو صالح، أحد كبار السن في المخيم، بالعتابا والمواويل. انتهت المنافسة بأغنية ختامية لأبو عرب وفرقة العاشقين «عنّي، وزمانك يا وطن على البال عنّي، بربك تسأل الحكام عنّي، لغير الرب ما بحسب حساب».


رفض المديح

يفتخر أبو عرب بكونه الفنان العربي الوحيد الذي «لم ولن يغني لأيّ زعيم من الزعماء العرب الأحياء منهم والأموات». يتذكّر موقفاً حدث معه في الأردن، عندما أحيا حفلاً فنياً هناك مع أحد الفنانين، بحضور الملك الأردني وغيره من الزعماء. فما إن صعد إلى المسرح «الزميل» حتى بدأ بمديح الملك الأردني الذي سارع إلى تحيّته ودسّ مرافقه مغلّفاً مالياً في جيبه تقديراً له. يتابع أبو عرب: «التفت الملك الأردني إليّ منتظراً المديح، فما كان منّي إلا أن رددت عليه بأغنية «عنّي يا نفس عنّي بالام عنّي، وزمانك يا وطن على البال عنّي، بربك تسأل الحكام عني، لغير الرب ما بحسب حساب».