باراك يبلور حلاً وسطاً والسلطة تعرض قبول الاستيطان مقابل مناقشة حدود 1967فيما لم يعلن الفلسطينيون قرار الانسحاب من المفاوضات، كما تعهدوا سابقاً، أعلنت الولايات المتحدة أنها استطاعت إقناعهم بتمديد التفاوض لمدة أسبوع، وربما أكثر، ما دام الرئيس الفلسطيني سيلتقي بنيامين نتنياهو في باريس نهاية الشهر المقبللم تمض ساعات على انتهاء مدة تجميد الاستيطان حتى تمركزت الجرافات الإسرائيلية في أمكنتها لبدء تنفيذ أعمال بناء في عدد من المستوطنات.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الأعمال بدأت عند الساعة الثامنة من صباح أمس، في المرحلة الأولى من مشروع لإقامة حي جديد في مستوطنة «أريئيل»، ستُبنى خلالها 50 وحدة سكنية.
ووفقاً للمخطط الإسرائيلي، ستسكن عشرات العائلات في البيوت التي انطلق بناؤها اليوم، وكانت هذه العائلات قد أخليت من مستوطنة في قطاع غزة في إطار خطة فك الارتباط التي نُفّذت في عام 2005.
وإضافة إلى «أريئيل»، شملت أعمال البناء مستوطنات «رفافا» و«ياكير» و«كوخاف هشاحر». وسيوضع اليوم الحجر الأساس لحي في مستوطنة «بيت حجاي»، وسيُبدأ ببناء 34 وحدة سكنية في مستوطنة «كريات أربع» في الخليل، وسيخرج مخطط لبناء 90 وحدة سكنية إلى حيّز التنفيذ في مستوطنة «كدوميم».
في هذا الوقت، كشفت مصادر إسرائيلية أن الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني اتفقا بوساطة أميركية على مواصلة التفاوض لأسبوع آخر إلى حين التوصل إلى «حل وسط» بشأن الاستيطان، يسمح باستمرار محادثات السلام المباشرة.
وقالت صحيفة «جيروزاليم بوست» إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس «وافق على الانتظار أسبوعاً قبل إعلان موقفه»، مضيفة أن «فكرة شراء المزيد من الوقت للتفاوض ظهرت في اجتماعات متعددة عقدها المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل على مدار اليومين الماضيين مع عباس ووزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، خلال وجودهما في نيويورك».
من جهتها، قالت صحيفة «هآرتس» إن الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي واصلا محادثاتهما في نيويورك من خلال المفاوض الإسرائيلي إسحق مولهو ونظيره الفلسطيني صائب عريقات، بحضور مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى. ونسبت إلى مصادر لم تسمّها قولها إن «الفلسطينيين مستعدون للتخلي عن مطلبهم تجميد البناء الاستيطاني تماماً إذا أعلن نتنياهو نيّته مناقشة قضية حدود 1967 ومسألة مقايضة الأراضي».
ورغم الحديث عن لقاء عريقات ومولهو، فإنّ المتحدث باسم وزارة الخارجية فيليب كراولي قال إنه «لا توجد محادثات مباشرة مقرّرة في هذا الوقت»، معلناً أن المبعوث الأميركي للشرق الأوسط جورج ميتشل على اتصال بالأطراف المعنية، وأنّ وفداً على مستوى أقل من ميتشل سيجول في المنطقة للتباحث مع «الدول الأساسية» في مسألة المفاوضات قبل اجتماع لجنة المتابعة العربية الاثنين المقبل. وأبدى «خيبة أمل واشنطن» من انتهاء التجميد الاستيطاني، آملاً أن يستمر العرب في تأييد محادثات الشرق الأوسط.
وفي السياق، أعلنت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، طالب عباس بمواصلة المفاوضات المباشرة مع إسرائيل، مؤكداً وجوب «التركيز على الشؤون المهمة ومواصلة المحادثات المكثفة باطّراد، وصولاً إلى اتفاق إطار تاريخي للسلام في غضون عام واحد».
وكان نتنياهو قد تحدث هاتفياً الليلة قبل الماضية مع الرئيس المصري حسني مبارك والملك الأردني عبد الله الثاني.
وذكرت «هآرتس» أن وزير الدفاع إيهود باراك «يعكف على بلورة حل وسط يحول دون نسف المفاوضات، مع السماح باستئناف أعمال البناء في المستوطنات جزئياً». وأوضحت مصادر سياسية أن نتنياهو «لم يبتّ الموضوع»، مؤكدة أنه «ينوي طرح الحزمة الأميركية التي بلورها باراك مع كبار المسؤولين في واشنطن على أعضاء الحكومة لإقرارها».
على المقلب الآخر، مع إعادة انطلاق أعمال البناء في مستوطنات الضفة الغربية، طالب عباس، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي، نتنياهو بتمديد العمل بتجميد الاستيطان «لثلاثة أو أربعة أشهر» لإعطاء فرصة لمفاوضات السلام. وقال إن القيادة الفلسطينية «لن يكون لها ردّ فعل سريع» حيال استئناف البناء، مشيراً إلى أن القرار الفلسطيني «سيتخذ بعد استشارة الهيئات القيادية في منظمة التحرير ولجنة المتابعة العربية التي ستجتمع في مصر في الرابع من تشرين الأول المقبل».
وتابع عباس «بعد هذه الاجتماعات يمكن أن يصدر من عندنا موقف يوضح ما هو الرأي الفلسطيني والعربي في هذا الشأن».
من جهته، قال ساركوزي إن «الاستيطان في الضفة الغربية يجب أن يتوقف»، آسفاً لإنهاء إسرائيل العمل بقرار التجميد.
ورغم ربط الرئيس الفلسطيني المفاوضات بقرار عربي، إلا أنه وافق على طلب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إجراء محادثات سلام في باريس قبل نهاية تشرين الأول تجمعه ونتنياهو والرئيس المصري حسني مبارك.
وقال ساركوزي إن المحادثات يجب أن تساعد على الإعداد لقمة في أواخر تشرين الثاني لقادة من الدول الأوروبية ودول حوض البحر المتوسط الرئيسية، بمن فيهم اللاعبون في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن عباس ونتنياهو وافقا على إجراء محادثات باريس.
ومن المقرر أن يعقد وزراء الخارجية العرب، أعضاء لجنة مبادرة السلام العربية، اجتماعاً الاثنين المقبل في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بناءً على طلب دولة فلسطين، لبحث آفاق عملية السلام ومستقبلها في المنطقة. وكان الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينه، قد قال إنه «لن تؤخذ أي قرارات بشأن الاستيطان إلا بعد اجتماع لجنة المتابعة العربية»، فيما حذّر أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ياسر عبد ربه، من أن «استمرار إسرائيل بعمليات البناء الاستيطاني من شأنه تعطيل المفاوضات مع الفلسطينيين».
(الأخبار، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)