strong>تقرير جديد تشهده أروقة الأمم المتحدة هذه الأيام، يدين إسرائيل على جرائمها، بحق «أسطول الحرية» هذه المرة. وككل مرة تقريباً، لا يلقى تقرير «المجتمع الدولي» سوى مزيد من الإهانة في الدولة العبرية، وتصفيق من ضحاياهاأثار تقرير بعثة التحقيق التابعة لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، الذي أدان إسرائيل بجريمة «أسطول الحرية»، أجواءً مشابهة للزلزال الذي أعقب صدور تقرير لجنة غولدستون الذي اتهم الدولة العبرية بارتكاب جرائم من كل الأنواع بحق الفلسطينيين في قطاع غزة؛ فقد نال تقرير مجلس حقوق الإنسان إعجاب العالم كله، إلا المجرم طبعاً، أي إسرائيل، ويُنتظَر أن تنضم الولايات المتحدة إلى الموقف العبري المحتقر تاريخياً للأمم المتحدة ولكل قراراتها.
وسارعت تركيا إلى الترحيب بالتقرير، الذي تحدّث عن «أدلة واضحة تسمح بدعم إجراء ملاحقات بحق إسرائيل لجرائم تضمّنت القتل العمد والتعذيب». وأشاد وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو، في دردشة مع صحافيين في نيويورك، بحياد التحقيق الدولي، مؤكداً أنّه «حيادي تماماً ويستند إلى أدلة متينة». وقال إن التقرير «يستجيب لتوقعاتنا. آمل أن يتحرك الجانب الإسرائيلي من الآن فصاعداً ضمن حدود القانون الدولي». وطمأن إلى أنّ «هدفنا ليس إحداث أزمة سياسية، بل ضمان احترام كل العالم للقانون الدولي، وعدم اعتبار أي دولة نفسها أنها فوق القوانين. لن نسمح أبداً بحصول ذلك في شرق المتوسط».
وفي السياق، جدّد رئيس البرلمان التركي، محمد علي شاهين، المطالبة بأن تعتذر دولة الاحتلال من أنقرة، وأن تدفع تعويضات لعائلات الشهداء التسعة. وردّاً على سؤال عن تقرير لجنة الأمم المتحدة لتقصّي الحقائق، رأى شاهين أنه أثبت صحة المطالب التركية بنيل اعتذار إسرائيلي وبنيل تعويضات.
في المقابل، رفضت إسرائيل تقرير مجلس حقوق الإنسان، واصفةً إياه بأنه «منحاز» لأنه أدان الجريمة. ووفقاً لبيان صادر عن وزارة الخارجية الإسرائيلية، فإنّ «مجلس حقوق الإنسان هو هيئة سياسية منحازة، وجّه اتهامات إلى إسرائيل قبل البدء في التحقيق في الأحداث، واستنتاجاته لم تفاجئ إسرائيل».
ورأى البيان أنّ «إسرائيل دولة ديموقراطية تنصاع للقانون الدولي، وعندما يحتاج الأمر، فإنها تعرف كيف تحقق مع نفسها، وهكذا عملت دائماً. وكما هو متوقع من دولة ديموقراطية، فإن إسرائيل حققت ولا تزال تحقق في أحداث الأسطول»، في إشارة إلى عمل «لجنة تيركل».
وتابع البيان أنه «بصورة غير مسبوقة، وافقت إسرائيل على التعاون أيضاً مع لجنة تحقيق عيّنها الأمين العام للأمم المتحدة، هي أيضاً تدقق في الموضوع». وفي ختام البيان، جاءت الإشارة واضحة إلى أن حكومة بنيامين نتنياهو لن تتعامل مع التقرير وتوصياته لأنه «منحاز وأحادي الجانب مثل الهيئة التي ولدته، وفي ضوء ذلك، فإن إسرائيل ترى أن أحداث الأسطول قد حُقِّق فيها بالحجم الكافي، وأي تعاطٍ آخر مع الموضوع هو زائد تماماً، وليس بنّاءً».
وفي السياق، رحّبت حركة «حماس» بالتقرير الدولي، لأنه دليل إضافي على «ممارسة حكومة الاحتلال إرهاب الدولة». وقال المتحدث باسم الحكومة المقالة في غزة، فوزي برهوم، إن هذا التقرير «يضع المجتمع الدولي والمنظمات الدولية أمام اختبار جديد: إما هم مع تطبيق العدالة الدولية ومحاكمة قيادات الاحتلال كمجرمي حرب، واتخاذ قرارات رادعة بحقهم، أو أنهم يستمرون في سياسة الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير عندما يتعلق الأمر بالاحتلال».
أما النائبة عن حزب «التجمع الوطني الديموقراطي» حنين زعبي، التي سبق أن أدلت بشهادتها أمام لجنة الأمم المتحدة، فقد ذكّرت بأنه «يجب عدم الاكتفاء بالكشف عن الحقيقة، ولا سيما أن تلك الحقيقة معروفة جيداً لي، ولكل النشطاء السياسيين الذين كانوا على ظهر السفينة».
وفي ما يتعلق بالرد الإسرائيلي، دعت زعبي تل أبيب إلى التعامل مع توصيات اللجنة، مطمئنة إلى أن «كل محاولات الشجب المعتادة من إسرائيل لن تجعلها بريئة».
وفي رد فعل سريع على تصريحات زعبي، رأى حزب «إسرائيل بيتنا»، الذي يرأسه وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، أنّ مطالبتها بتقديم جنود الجيش الإسرائيلي إلى المحاكمة، «يثبت مرة أخرى أن زعبي تمثل حركة حماس، وبناءً على ذلك، فإن مكانها الطبيعي يجب أن يكون في المجلس التشريعي في قطاع غزة، لا في الكنيست».
أوروبياً، عبّرت «الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة»، ومقرها بروكسل، عن تقديرها لنتائج تقرير لجنة مجلس حقوق الإنسان. وجاء في موقف الحملة، وهي إحدى الجهات المؤسسة لائتلاف «أسطول الحرية»، في بيان، أنّ ما خلص إليه تقرير اللجنة عن العدوان «يُعَدّ انتصاراً، وإن كان جزئياً، لدماء الشهداء ولقضية إنهاء حصار غزة العادلة».
وشدّدت الحملة على ضرورة إتباع تقرير لجنة مجلس حقوق الإنسان بقرارات ملزمة للاحتلال الإسرائيلي؛ لمنعه من تكرار فعلته، ولا سيما أن أسطول الحرية الثاني تجري الاستعدادات لإطلاقه إلى قطاع غزة قبل نهاية العام الجاري.
(الأخبار، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)