قاسم س. قاسمأعترف بأنني كنت «حرامي». كما أعترف بأنني كنت أسرق من دكان مدرسة «البيرة» التابعة للأونروا، منذ أن كان عمري 10 سنوات وصولاً حتى 14 سنة. سرقاتي كانت على مستوى صغير، أي لا تتعدى ألواح الشوكولاتة والعصير، كما أنني لم أكن أسعى صراحة لتطوير هذه المهارة. أكبر عملية سطو قمنا بها كعصابة كانت سرقة علبتي أولكر، علبة بونجوس، وصندوق تشيبسي. عادةً كانت عصابتنا تتألف من 7 أفراد، وكان لكل واحد منا مهمة محددة. أخي رامي الذي يعمل في الإمارات اليوم، وكان هو الموكل بمهمة الدخول إلى الدكان بعد خلعه لسرقة المحتويات منه، لأنه كان أضعفنا بنيوياً. إبراهيم الذي يعمل في إحدى شركات المملكة السعودية، كان دوره المراقبة والاستطلاع كي لا يُمسك بنا. الأخوان فادي وشادي، كانت مهمتهما أن يمررا لنا «المعلوم» لنضعه على سطح منزلهما، وعيسى ابن الجيش اللبناني اليوم، كانت مهمته أن يساعد أخي بحمل الأغراض من داخل الدكان، وبالطبع أنا «المدعبل» حينها كانت مهمتي أن أختار ما نأخذه، وتحديد الكمية المطلوبة لجلستنا. دكان المدرسة التابع للوكالة كان دائماً ملجأنا عندما كانت «الخرجيّة» لا تكفينا، فكنا نأخذ منه ما لذّ وطاب. أحياناً كان يرتفع عندنا مستوى تأنيب الضمير، فكنا نوقف سرقاتنا بحجة «الحرام» أو بمناسبة مرور مناسبة دينية. لكن أن يصل المستوى بأحدنا لأن يضع مكان ما سرقه سعره بالتمام والكمال فهذا «شي غريب» ويستدعي ردة فعل أغرب. أكثر من كان يعاني مثل هذه الحالات هو إبراهيم، الذي كان يسرق زجاجات الكولا، ويضع مكانها خمسمئة ليرة، ما كان يدفعنا لكي نقوم بعملية ليلية لسرقة «الخمسمية». ردة فعلنا هذه

أكبر عملية سطو كانت سرقة علبتي أولكر وعلبة بونجوس وصندوق تشيبسي

أقنعت إبراهيم أخيراً، بأنه لا نفع بأن يكون «آدمي»، لأن مبادرة حسن النية منه لن تجد طريقها إلا لجيوبنا. هكذا، ومع تكرار عملية السرقة اكتشفنا أنه يمكننا أن ندخل إلى الدكان الأحمر المشهور التابع لشركة الكوكاكولا والمنتشر في جميع المدارس الرسمية، بدون الحاجة إلى خلعه. إذ يكفي أن نكرر الضرب بالقرب من شباك الدكان الكرتوني حتى تنزاح السقّاطة عن مكانها فينفتح دكان علي بابا أمامنا. دائماً كنا نُتّهم بالسرقة لأننا الأولاد الوحيدون القريبون من المدرسة، لكننا بدورنا كنا نلقي التهمة على أولاد الحي الثاني أي «الأكراد» الذين كنا نرشو بعضهم ببعض ألواح الشوكولا. انتهى زمننا، وزمن سرقة ألواح الشوكولا، وتسلم «الراية» منا أولاد خالي الذين لا أعلم طبيعة نشاطهم وإن كانوا أشطر منا أم لا. يبقى أن نعتذر من المدير العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين السيد سلفاتوري لومباردو، ولجميع العاملين في الوكالة، ولصاحبة الدكان التي هي جارتنا على أي حال.
اعتذار لوكالة لم تكن تعاني يومها أي مشكلة تمويل في ميزانيتها العامة، حيث كانت دائماً دكاكينها عامرة بألواح «الكيت كات» والليون بار، التي لم تكن مدرجة على لوائح الإعاشة.