يواجه رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس متاعب مع السلطات الجزائرية التي تحاول منع صفقة يبيع بموجبها شركة الاتصالات الجزائرية التي يملكها، ما يحول دون إتمامه صفقة كبرى مع شركة روسية
ياسين تملالي
لم تنته بعد متاعب رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس مع السلطات الجزائرية، فيما تنتشر الأخبار عن صفقة استراتيجية يزمع عقدها مع «فيمبال كوم» (VimpelCom)، أحد أكبر المتعاملين الروس في مجال الاتصالات.
وتتلخص هذه المتاعب في عدم إتمام عملية بيع «أوراسكوم تيليكوم ألجيريا» أو «جيزي»، الفرع الجزائري لـ«أوراسكوم تيليكوم هولدينغ» (OTH) التي يملكها ساويرس، قرابة خمسة أشهر بعد بدء الحديث عنها. هذا قد يعني استثناء «جيزي» من المفاوضات الحالية مع الشريك الروسي، أو ما هو أسوأ، استحالة عقد الصفقة من أساسه، إذ إنّ «جيزي» هي أكثر مكونات OTH مردودية (15 مليون زبون حسب إحصاءات حكومية جزائرية نشرت في تموز الماضي) ويمكن الشريك الروسي أن يفقد اهتمامه إذا لم تدرج أصولها في الصفقة.
ووفق الصحيفة الروسية «كومرسانت»، تبلغ قيمة الصفقة 6,5 مليارات دولار، وتتمثل في شراء «فيمبل كوم» الشركة الإيطالية «ويند للاتصالات» التي تمتلكها OTH منذ 2005، بالإضافة إلى 51 بالمئة من أسهم هذه الأخيرة. إذا نجحت الصفقة، فسيمتلك رجل الأعمال المصري بين 20 و23 بالمئة من رأسمال المجموعة الروسية وستظهر للوجود مجموعة جديدة يبلغ عدد زبائنها نحو 200 مليون شخص موزعين على دول عديدة، ما يجعلها إحدى أكبر مجموعات الاتصالات في العالم كله.
وحسب أنباء أوردتها في 7 أيلول الجريدة الاقتصادية الإلكترونية «مغرب إيمرجنت»، فإنّ نجيب ساويرس أقر بارتباط مستقبل أعماله على الصعيد العالمي بمصير «جيزي». ففي تصريح للجريدة الكندية «ذا غلوب أند مايل» قال: «في جدول أعمالنا اليوم موضوعان: حل المشكل الجزائري وإيجاد شريك جيد للهولدينغ».
وليس وصف مسألة مصير «جيزي» بـ«المشكلة» مبالغة، فالسلطات الجزائرية لا تكتفي بالتذكير بأنّها لن تسمح ببيعها بالطريقة نفسها التي باعت بها «أوراسكوم للأسمنت» مصانعها الجزائرية للفرنسي لافارج في آخر 2007، أي دون إذن الحكومة، فتلحّ على أنّ لها أولوية شراء هذا الفرع بموجب حق الشفعة الذي يضمنه لها التشريع الجزائري. ويذكر في هذا الصدد أنّ ردة فعلها كانت حازمة في أيار 2010 إثر تواتر أنباء عن مفاوضات كانت تجريها OTH مع الجنوب ـــــ أفريقية «آم تي آن» (MTN) بغرض التخلي لها عن «جيزي». فما إن نشرت هذه الأنباء حتى أصدرت وزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال بياناً شديد اللهجة قالت فيه إنّها ستعد أي اتفاق في هذا الموضوع «مُلغىً من أساسه، سواء تعلق بمجمل رأسمال جيزي أو حتى ببعضه فقط» وأنّه «سيعرض هذه الشركة لسحب رخصتها».
ولا يبدو أنّ مفاوضات نجيب ساويرس مع «فيمبال كوم» أثرت على رغبة الجزائر في شراء «جيزي»، ما يؤكده تصريح أدلى به الخميس الماضي موسى بن حمادي، وزير البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، قال فيه إنّ «هذه الشركة جزائرية قانوناً» وإنّه «بالنظر إلى عزم مالكيها بيعها، فللدولة حق الشفعة لامتلاكها، وهو حق لن تفرط فيه».
وإذ بدا أنّ وتيرة حلّ «مشكلة» ساويرس قد تتسارع إثر تحديد نهاية السنة كآخر مهلة لإتمام بيع «جيزي»، فإنّ معطيات أخرى لا تدعو رجل الأعمال المصري إلى التفاؤل. أبرز هذه المعطيات استمرار منع إعلانات الشركة على الشاشات الجزائرية المملوكة كلّها للدولة، ما يعني تواصل إضعاف موقعه التجاري إزاء منافسيها.
وتضاف إلى هذه المعطيات السلبية معطيات أخرى أهمها تراجع رقم أعمال «جيزي» في النصف الأول من سنة 2010، 10 في المئة مقارنة بمستواه في النصف الأول من سنة 2009، واستمرار تجميد بنك الجزائر المركزي لكلّ تحويلاتها الخارجية لإجبارها على دفع ضرائب تطالبها بها المصالح الجبائية مقدارها 596 مليون دولار.
وحسب رسالة بعث بها ساويرس إلى رئيس الوزراء أحمد أويحيي في 21 تموز 2010، سبب قرار البنك المركزي هذا في «عدم تمكن جيزي من دفع مستحقات لدائنيه بقيمة 1,524 مليار دينار جزائري (أكثر من 15 مليون يورو)، ما دعاهم إلى التهديد بمقاضاتها». في هذه الرسالة نفسها، طالب رجل الأعمال المصري الحكومة باختيار أحد الحلين: «إما بدء مفاوضات تنتهي ببيع أصولنا في الجزائر، أو تمكيننا من مواصلة أعمالنا فيها من دون مواجهة هذه المصاعب الكبيرة التي نواجهها اليوم».