أعربت إسرائيل، يوم أمس، عن خيبة أملها وإحباطها من مصر، بعد إصرار الأخيرة على تمرير مشروع قرار في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ينص على مراقبة المنشآت النووية لإسرائيل. وأشارت إلى أنها باشرت حملة دبلوماسية واسعة حول العالم لإحباط الخطوة المصرية، والتصويت ضد مشروع القرار.
مسؤولون إسرائيليون رفيعو المستوى أكدوا لصحيفة «هآرتس» أمس، أن تل أبيب طلبت من مصر إيقاف محاولات فرض الرقابة على منشآتها النووية، في المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي سيعقد بعد أسبوعين في فيينا. وطبقا للمصادر الرفيعة، التي رفضت إعلان هويتها لحساسية الموضوع، فإنّ «الطلب الإسرائيلي نقل إلى القاهرة قبل أسابيع قليلة، خلال زيارة الموفد الخاص لرئيس الحكومة إسحاق ملوخو، ومستشار الأمن القومي في ديوان رئاسة الوزراء، يوسي كوهين».
وكان مولخو وكوهين قد التقيا في القاهرة وزير الخارجية المصري، سامح شكري، ومسؤولين آخرين رفيعي المستوى في الحكومة المصرية، وكان هدف اللقاءات بحث الموضوع النووي الإسرائيلي والخطوة المناهضة لإسرائيل في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، باعتبارها جزءا من صراع سياسي تقوده مصر في الساحة الدولية، ضد البرنامج النووي الإسرائيلي، «الأمر الذي تسبب في توتر شديد في العلاقات الثنائية». وأعرب مسؤول إسرائيلي رفيع عن خيبة أمله من الموقف المصري، مشيرا إلى أن إسرائيل كانت تتوقع أن يؤدي التعاون الأمني والاستخباري الوثيق بين الجانبين، وتحديدا مع بدء ولاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلى امتناع القاهرة عن المبادرة للإضرار بإسرائيل في الموضوع النووي. وأشار مسؤولون إسرائيليون، في حديثهم إلى «هآرتس»، إلى أن مولخو وكوهن أوضحا لشكري وباقي المسؤولين المصريين أن إسرائيل لا تتفهم الإجراءات المصرية التي لا تعكس طبيعة العلاقات القائمة حاليا بين الدولتين. وأوضح مولخو وكوهن ان الخطوة المصرية الحالية لم تعط أي نتيجة حتى الآن، وأن إسرائيل ستنجح في صدها مثلما فعلت عدة مرات في السنوات الأخيرة.
وأشارت المصادر نفسها إلى أن المساعدة الإسرائيلية الواسعة لمصر، وتحديدا في «مكافحة تنظيمات الجهاد العالمي في سيناء، إضافة إلى السماح بإدخال أعداد كبيرة من الوحدات العسكرية المصرية إلى سيناء تزيد عن العدد المنصوص عليه في اتفاقية كامب ديفيد، لم تؤد إلى تغيير سياسة الحكومة المصرية تجاه الموضوع النووي الإسرائيلي». ووفق مسؤول إسرائيلي رفيع، فإنّ «كل ما يحدث في المنطقة في السنوات الأخيرة، لم يلغ إصرار المصريين على التحرك ضد إسرائيل في المحافل الدولية».
وأشارت «هآرتس» إلى أن الغضب الإسرائيلي من التصرف المصري شمل «محادثة قاسية» بين رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، والرئيس عبد الفتاح السيسي، لكن المصريين، برغم كل ذلك، بدأوا قبل أسبوعين من انعقاد مؤتمر الوكالة في فيينا، العمل ضد البرنامج النووي الإسرائيلي. مشروع القرار في الوكالة يحمل عنوان «قدرات إسرائيل النووية»، ويندد بإسرائيل ويطالبها بفتح منشآتها النووية أمام رقابة الأمم المتحدة، ويدعو إلى انعقاد مؤتمر دولي لتجريد الشرق الأوسط من السلاح النووي. ولا تتعلق المسألة بقرار ملزم من مجلس الأمن، لكن من شأنه أن يلحق ضررا سياسيا بإسرائيل وأن يحول الانتباه الدولي إلى برنامجها النووي، وقد يؤدي أيضا إلى خطوات أخرى من الوكالة ضد إسرائيل. ولفتت «هآرتس» إلى أن تل أبيب شرعت بشن حملة دبلوماسية واسعة ترمي إلى إحباط الخطوة المصرية، بما يشمل حملة سياسية في العديد من الدول الأوروبية وحول العالم، لاستباق «حملة مصر وإيران» ودول أخرى، مشيرة إلى أن الخارجية الإسرائيلية طلبت من كل السفراء التوجه إلى وزارات الخارجية في البلدان المعتمدين لديها، لنقل رسالة مفادها بأن إسرائيل تتوقع منهم التصويت ضد مشروع القرار. وطلبت الخارجية الإسرائيلية من سفرائها تأكيد أن «مشروع القرار منحاز ومغلوط، ويرمي إلى صرف الانتباه العالمي عن المخاطر الحقيقية لنشر السلاح النووي في المنطقة»، مشيرة إلى أن الخطوة ستتسبب في تسييس إضافي للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتضر بالثقة اللازمة لكل حوار إقليمي في هذا الموضوع.