في خضمّ التوتر المتصاعد بين شريكَي الحكم في السودان، وجّه الرئيس، عمر البشير، أمس رسالة تحذيرية إلى الحركة الشعبية لتحرير السودان، يؤكد فيها أنه «لن يقبل بديلاً للوحدة»، على الرغم من الالتزام باتفاق السلام الشامل، وذلك بعدما قدم تنازلات وصفها البعض بأنها غير متوقعة بعرضه حصول الجنوبيين على كامل إيرادات النفط.وفي خطاب ألقاه أمام البرلمان السوداني، أبدى الرئيس السوداني استعداد الحكومة المركزية لتوفير الموارد المالية لمشاريع تطوير البرامج والمشروعات الخاصة بالجنوب «حتى لو تجاوز ذلك نسبة الـ100 في المئة من عائدات النفط».
وفي مقابل الوعود السخية، ربط الرئيس السوداني بين ترسيم الحدود وإجراء استفتاء تحديد مصير الجنوب الباقي عليه 87 يوماً فقط، لافتاً إلى أن «ترسيم الحدود عامل حاسم في إجراء استفتاء عادل ونزيه»، قبل أن يضيف إن «الوحدة هي الخيار الراجح للجنوب إذا أتيحت له حرية الاختيار في استفتاء حر ونزيه».
في المقابل، لا ترى الحركة الشعبية في ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب شرطاً لإجراء الاستفتاء، وفقاً لما أكده رئيس كتلة الحركة الشعبية في البرلمان توماس واني.
وتأتي هذه التصريحات في وقت فشل فيه المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، سكوت غرايشن، ورئيس الوزراء الإثيوبي ملس زيناوي، بعد تسعة أيام من المفاوضات المتواصلة في أديس أبابا، في دفع وفدَي حزب المؤتمر الوطني الحاكم والحركة الشعبية إلى الاتفاق على «معايير مشاركة الناخبين في الاستفتاء حول منطقة ابيي». والسبب الرئيسي للفشل يتمثل بالاختلاف على المهلة الزمنية التي يفترض أن يمضيها قاطنو أبيي وتحديداً أفراد قبيلة المسيرية ليمنحوا حق التصويت في الاستفتاء على تحديد تبعية المنطقة للجنوب أو الشمال في حال حدوث الانفصال، وسط معلومات تفيد عن تعرض المفاوضات للفشل بسبب المواقف المتعنتة لممثلي قبيلة المسيرية والدينكا. ويفترض أن تحمل الأيام الفاصلة عن انعقاد الاجتماع الجديد في نهاية الشهر الجاري مشاورات مكثفة حول اقتراح أميركي يقضي بالاستغناء عن استفتاء ابيي بحسم تبعية المنطقة منذ الآن للجنوب، على أن يمنح السودانيون الآخرون المقيمون في المنطقة، بمن فيهم المسيرية حق الجنسية المزدوجة بما يضمن لهم حرية التنقل بين الشمال والجنوب.
ووسط هذه الأجواء، تتكاثر الأنباء عن تعزيز كلا الطرفين الحشود العسكرية على جانبي الحدود. ونقل عن القوات السودانية منذ الأسبوع الماضي تأكيدها وجود تعزيزات من قبل الجيش الشعبي عند الحدود الفاصلة بين ولايتي أعالي النيل والنيل الأبيض المختلف على ترسيم حدودها إلى جانب منطقة أبيي، معتبرةً أن الأمر يمثّل انتهاكاً من شأنه أن يعوق تنظيم الاستفتاء. وتتهم الحركة الشعبية القوات الحكومية بنقل تعزيزات عسكرية إلى ولاية جنوب كردفان الحدودية.
في غضون ذلك، أطلقت الحركة الشعبية مبادرات جنوبية هدفها تهدئة الأجواء في الجنوب لحصول الاستفتاء، وسط أقل قدر ممكن من التشنجات الأمنية.
واستبق رئيس حكومة الجنوب، سيلفا كير ميارديت، اللقاء المفاجئ الذي جمعه قبل أيام بالقيادي المنشق عن الحركة الشعبية، رئيس حزب الحركة الشعبية ـــــ التغيير الديموقراطي، لام أكول، بإصدار عفو عن جميع «المنشقّين» عن الحركة والجيش الشعبي.
كذلك يفترض أن يشهد جنوب السودان اليوم انطلاق أعمال الحوار الجنوبي الجنوبي الهادف إلى بلورة رؤية موحدة لأوضاع الجنوب.
إلى ذلك، كشفت صحيفة «الانتباهة» السودانية أمس عن إتمام حكومة الجنوب صفقة في إحدى الدول العربية لشراء مطبعة «عملة» نقدية من إحدى الدول الأوروبية.
(الأخبار)