واشنطن ـ محمد سعيدخاص بالموقع - استعادت إسرائيل ذكرياتها عن «حرب تشرين» عام 1973 بعدما كشفت وثائق أفرجت عنها الحكومة الإسرائيلية أن تلك الحرب كانت أكثر لحظة مرعبة بالنسبة إلى العديد من الإسرائيليين، عندما اكتشفوا أن كيانهم كان غير مستعد وفي حالة يرثى لها، ومتوهّماً أن الدول العربية تعدّه محصّناً ضد أي هجوم مدمّر، وأنه صارع من أجل تعديل الكفة عسكرياً والحفاظ على وجوده بتكلفة هائلة وبمساعدة أميركية في اللحظة الأخيرة.
وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» في تقرير لها، إن المناقشات السرية لكبار القادة الإسرائيليين في الأيام الأولى لحرب تشرين، التي يطلق عليها الإسرائيليون حرب يوم كيبور «الغفران»، والتي أفرج عنها الأسبوع الماضي، استحوذت على اهتمام عامة الإسرائيليين.
وأشارت الصحيفة إلى أنه على مدى أيام، استكشفت الصحف وحلقات النقاش المعاناة التي لحقت بشخصيات بارزة توصف بأنها أسطورية، مثل وزير الحرب الإسرائيلي الأسبق موشي ديان، متسائلةً عما إذا كان قد استفيد من الدروس الصحيحة.
وقالت الصحيفة إن يارون ديكيل، أحد مقدمي البرامج الشهيرة في الإذاعة الإسرائيلية، بدأ برنامجه الذي يعرض فيه الشؤون الجارية فى مطلع الأسبوع بالقول «صباح الخير السادة رئيس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس الأركان المسلحة المستقبلي. هل قرأتم بروتوكولات حرب يوم كيبور؟ إذا لم يكن هذا قد حدث، فقوموا بذلك بسرعة، واسألوا أنفسكم هل تغيّرت الأمور في الأعوام الـ37 تلك؟ هل اختفت الغطرسة والغبطة والثقة التامة بأننا نعرف العدو جيداً، وأن لدينا أفضل جيش في العالم؟».
وأوضحت الصحيفة أن وثائق الاجتماع تظهر ديان على حافة اليأس، في وقت توجهت فيه الدبابات السورية باتجاه الجليل بدون اعتراض، وأنه تفهّم أنه أخطأ قراءة الإشارات، فيما نقل عن ديان قوله في اجتماع مبكر مع رئيسة الوزراء حينذاك، غولدا مائير، وآخرين، «أخطأت في تقويم العدو، وبالغت في تقدير قواتنا الخاصة»، قبل أن يضيف «العرب جنود أفضل بكثير ممّا هو معتاد منهم، وسوف يُقتل العديد من الأشخاص».
وقالت الصحيفة إنه في مسعى لوسيلة إنقاذ، دعا ديان إلى تجنيد كبار السن واليهود من الخارج، فيما درست مائير القيام بزيارة سرية لواشنطن لإقناع الرئيس الأميركي حينذاك، ريتشارد نيكسون، بتقديم المساعدة.
وأشارت الصحيفة إلى أن مائير لم تذهب في نهاية الأمر إلى واشنطن، ولكن بعد مناشدة وزير الخارجية حينذاك هنري كيسنجر، أقنعت نيكسون بالفعل بإرسال طائرة من المعدات العسكرية مثّلت أهمية كبيرة لإسرائيل وصبّت في مصلحتها في الحرب التي استغرقت 20 يوماً.
وأشارت الصحيفة إلى أن الكثير من حوار الأسبوع الماضي في إسرائيل تركّز على الاعتقاد الذي أعرب عنه رئيس هيئة أركان قوات الاحتلال الإسرائيلي حينذاك، ديفيد أليعازر، بأن الحرب مقبلة، وأنه دعا إلى استدعاء قوات والقيام بضربات استباقية للقوات المصرية والسورية المحتشدة على الحدود، وأن الأمرين رُفضا على حدّ سواء من جانب ديان ومائير، ليس فقط لعدم اعتقادهما بأن جيرانهما سيخاطرون بالحرب، ولكن أيضاً بسبب الخشية من أن يتهم الغرب إسرائيل بالعدوان.
وقالت الصحيفة إنه في الوقت نفسه لم يكن هناك عجلة لتحقيق حل دبلوماسي لمشكلة الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967، وهي سيناء وغزة من مصر ومرتفعات الجولان من سوريا والضفة الغربية والقدس الشرقية من الأردن.
واستشهدت الصحيفة بمقال افتتاحي لصحيفة «هآرتس» بعنوان «جروح قديمة ودروس جديدة»، رأت فيه أن الزعماء الإسرائيليين في 1973 فشلوا في رؤية قيود استخدام إسرائيل للقوة والأشكال المحتملة التي ستتخذها عمليات الأعداء، وأن إسرائيل اكتفت بإنجازاتها العسكرية وفتوحاتها قبل ستة أعوام في «حرب الأيام الستة»، وفشلت في القيام بمسعى جريء وفعلي لمقايضة الأراضي مقابل السلام.
ونقلت الصحيفة عن العالم السياسي، يسكيل درور، قوله لـ«راديو إسرائيل»، إنه عندما بدأت حرب 1973، شهدت القيادة الإسرائيلية «تدميراً محتملاً على أيدي أعدائها»، ولم تشهد الهدف الحقيقي للحرب المتمثل «في الضغط على إسرائيل لإعادة الأراضي المحتلة».
ولفت درور إلى أنه «عندما حاول أسطول الحرية التركي في أيار الماضي خرق حصار إسرائيل البحري لغزة، أدى استخدام الحكومة للقوة العسكرية إلى عواقب وخيمة»، ليخلص إلى القول إن «ما تحتاج إليه القيادة هو المهارة والوضوح، وإنّ توجُّه إسرائيل حيال عملية السلام مع الفلسطينين يُعدّ مثالاًً، والسؤال الرئيسي مرتبط بعدم وضوح ما ترغب فيه إسرائيل».