حفرت الأونروا بالتعاون مع الجهة المانحة بئراً في شاتيلا. فاكتشفت أن مياهها كبريتية وحديدية. المشكلة أن أبناء المخيم لطالما انتظروا من هذه البئر أن تأتيهم بـ«ميّ حلوة» تبلّ عطشهم، لكن يبدو أنهم سينتظرون
قاسم س. قاسم
اعتقد أبناء مخيم شاتيلا أن المياه العذبة ستصل إلى منازلهم، أخيراً. اعتقدوا أنهم بعد انتهاء مشروع البنى التحتية لمخيمهم لن «يتمخمضوا» بالمياه المالحة، التي كانت لمدة 60 عاماً تجري في قساطلهم. اعتقدوا أيضاً أنهم سيرون رغوة الصابون والشامبو، التي تمنعها المياه المالحة، تطوف من مجالي مطابخهم، ومن حماماتهم، لكنهم للأسف أخطأوا. هكذا، سيضطر أبناء مخيم شاتيلا إلى تحمّل ملوحة مياههم بعدما اعتقدوا أن حاووز الماء، الذي تولت الأونروا بناءه على المدخل الشرقي للمخيم، سيحلّ مشاكلهم. كان من المفترض أن تكون البئر المصدر الرئيسي للمياه العذبة في المخيم، إضافةً إلى الحاووز الآخر الذي يقع في وسط المخيم. أما سبب انتظارهم؟ فهو ليس لوجود مشكلة في نقص الإمدادات من الحاووز إلى المنازل، بل لأن البئر التي كان من المفترض أن تؤمن المياه، أخرجت مياهاً لم تكن صالحة للشرب. لكن كيف يمكن المياه أن تكون غير صالحة؟ يروي أحد متابعي الملف ما جرى. أجرت الأونروا دراسة عن طبيعة الأرض التي من الممكن أن يجري الحفر فيها من أجل البئر الارتوازية التي ستؤمّن المياه للحاووز الجديد. بعد دراسة الأرض وطبيعة المياه التي من الممكن استخراجها، قررت الأونروا والشركة المتعهدة أن تحفر في وسط مباني الوكالة، التي تقع على شكل سبعة. هكذا، بدأت عملية الحفر لكن ليس في النقطة المحددة، التي جرت فيها الدراسة، بل في مكان يبعد عن المكان الأساسي أربعين متراً. إذ كان المفترض أن تُحفر البئر شمال الحاووز لكن عملية الحفر جرت جنوبي غربي الحاووز. هكذا، إضافةً إلى تغيير مكان عملية الحفر، كان من المفترض بالشركة المتعهدة أن تحفر بعمق 250 متراً لكنها وصلت الى مسافة 500 متر، لتصطدم بصخرة اضطرت إلى خرقها واصلة فيها إلى نقطة لا توجد فيها إلا مياه ... كبريتية. أصابت المفاجأة الوكالة الدولية بالدهشة، إذ إنّها بعدما أنهت عملية الحفر وجدت أن «المنيح» الذي نوت فعله «مش منيح أبداً»، فالمياه ليست مالحة لكي يعاد تكريرها، بل إنها كبريتية ذات رائحة كريهة. هكذا، بدأ أبناء المخيم، بعد الانتهاء من حفر البئر، بشم روائح كريهة. اعتقدوا أن أحد أنابيب المياه الآسنة انكسر، وأن هذه الأخيرة بدأت بالتسرّب إلى مياه البئر. أخذ المعنيون من أبناء المخيم عيّنات من مياه البئر، شمّوها، فوجدوا أنّ رائحتها لا تطاق. أخذ مهندسو المشروع عيّنات إلى أحد المختبرات وفحصوها فوجدوا أنّ نسبة الكبريت فيها كبيرة، إضافةً إلى وجود نسبة كبيرة من الحديد في المياه أيضاً.
هكذا، بعد اكتشاف الأونروا للحديد والكبريت أبلغت الوكالة المعنيين في المخيم، أنّ هناك لجاناً تدرس إمكان إعادة تكرير هذه المياه لتصبح صالحة للاستعمال، رغم أنها لا تصلح حتى للاستعمال المنزلي. من جهتهم، يطالب الأهالي بحفر بئر أخرى رغم التكلفة العالية للحاووز والبئر، التي وصلت الى مليوني دولار. هذه الأيام يعيش الجميع حالة انتظار، الأهالي ينتظرون ما ستقرره اللجنة المختصة في الأونروا، حيث سيُعقد الأسبوع المقبل اجتماع بين اللجان الشعبية في المخيم وممثلي الوكالة ليروا ما قررته الوكالة. هل ستحفر بئراً جديدة؟ أم ستقوم بتكرير هذه المياه لتصبح صالحة للشرب؟


هبة الاونروا

يقول مدير منطقة بيروت في الأونروا محمد خالد إنه «بعد لقائنا مع رئيس بلدية الغبيري وافق على الحفر في نقطتين قريبتين من المخيم، أرسلنا كتاباً إلى وزارة الطاقة للسماح بالحفر، لكن اكتشفنا أن الأرض تابعة لوقف الروم، في الوقت نفسه كانت الأونروا قد اقترحت على المحافظ عبر الخنسا تقديم هبة لحفر بئر، فوافق المحافظ. لكن عملية الحفر تتطلب موافقة وزارة المياه والكهرباء، وبما أن الأرض مملوكة لوقف الروم، لا تستطيع الأونروا حفر البئر، فنقلنا الحفر إلى منطقة تملكها البلدية». يضيف «بعدما تبيّن أن المياه كبريتية، نحاول في هذه الأيام معالجة الأمر مع الجهة المانحة، أي الإيطاليين». يضيف إن «الأونروا عملت المشروع كرمال نأمّن مياه ورح نأمنها».