السلطة تعلّق التفاوض... ولا تنسحب ونتنياهو يطالب برزمة مكافآت أميركيّة كبيرة لم ينعكس الرفض الفلسطيني للمفاوضات في ظل الاستيطان قراراً بالانسحاب، أملاً على ما يبدو في نجاح الولايات المتحدة من خلال قائمة طويلة من المغريات والضمانات في إقناع إسرائيل بتمديد تجميد الاستيطان
كررت السلطة الفلسطينية موقفها الرافض للتفاوض في ظل استمرار الاستيطان، من دون أن تتخلى عن دعمها لـ«المساعي السلميّة (المبذولة) من قبل الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي». وفي ختام اجتماع عقدته، أول من أمس، قيادتا منظمة التحرير الفلسطينية وحركة «فتح»، بحضور ممثلين عن الكتل البرلمانية، باستثناء حركة «حماس» وغياب ممثلي الجبهة الشعبية في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أوضح أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية، ياسر عبد ربه، أن «القيادة الفلسطينية تؤكد أن استئناف المفاوضات يتطلب خطوات ملموسة من إسرائيل والمجتمع الدولي، وفي مقدمها وقف الاستيطان». وأكد أن القيادة الفلسطينية «تحمّل حكومة إسرائيل مسؤولية إحباط الجهود الدولية وعملية السلام في المنطقة بسبب إصرارها على الجمع بين الاستيطان والمفاوضات».
وأوضح أن القيادة الفلسطينية دعت في اجتماعها إلى «الاستمرار في المساعي السلمية من قبل الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي». وأكدت «أنها على استعداد للمشاركة في هذه الجهود لضمان المشاركة في مفاوضات جدية».
وأشار عبد ربه إلى أن البحث سيكون على نحو معمّق مع لجنة المتابعة العربية، التي ستعقد اجتماعها في الثامن من الشهر الجاري في ليبيا على هامش القمة العربية الطارئة، «لجميع جوانب التحرك السياسي والخيارات البديلة ووفق أسس جدية»، لكنّه رأى أن «قرار المفاوضات يأخذه الفلسطينيون وهم قادرون على تحمّل تبعاته».
من جهته، رأى الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردنية، أن «الجانب الإسرائيلي ذبح عملية السلام بجرافات الاستيطان».
في المقابل، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الفلسطينيين إلى مواصلة مفاوضات السلام «بدون انقطاع»، من «أجل التوصل إلى إطار اتفاق في غضون عام».
إلا أن السلطة الفلسطينية سارعت إلى رفض هذه الدعوة، فيما رأى مسؤول فلسطيني رفض الكشف عن اسمه، أن الجولة التي يقوم بها المبعوث الأميركي جورج ميتشل على عدد من الدول العربية «هدفها الضغط على القيادة الفلسطينية للتراجع عن قرارها بعدم التفاوض مع إسرائيل دون وقف الاستيطان».
في هذه الأثناء، أكد ميتشل، الذي زار مصر وقطر والأردن، أن الفلسطينيين والإسرائيليين يريدون مواصلة التفاوض.
وأوضح، بعد اجتماعه أمس بالرئيس المصري حسني مبارك، أن الجانبين طلبا «أن نواصل هذه المناقشات بجدّ لخلق الشروط التي تمكّنهم من مواصلة المفاوضات المباشرة».
من جهته، أكد وزير الخارجية المصري، أحمد أبو الغيط الذي التقى برفقة مدير الاستخبارات المصرية مع ميتشل، أن بلاده «تتفهم الموقف الفلسطيني». ورأى أن «الظروف في هذه اللحظة من الزمن ليست مؤاتية» لاستمرار المفاوضات. بدوره، رأى الأمين العام للجامعة العربية، عمرو موسى، عقب لقائه مع ميتشل، أن «المفاوضات والمستوطنات لا يمكن أن تسيرا معاً».
في غضون ذلك، كشفت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن محاولات أميركية مضلّلة لتجميل صورة المفاوضات. وأشارت إلى أن المقربين من نتنياهو، والمطلعين على تفاصيل المحادثات التي جرت على التوالي في واشنطن وشرم الشيخ والقدس المحتلة، إضافة إلى الجهات ذات الصلة بطاقم المفاوضات الفلسطيني، يجمعون على أن تصريحات ميتشل، التي اعتبر فيها أن «أبو مازن ونتنياهو يبحثان في جميع القضايا الصعبة ولا يرجئان المواضيع الصعبة إلى النهاية»، غير دقيقة في أقل تقدير.
ونقلت عن دبلوماسي أوروبي قوله إن عباس فوجئ خلال اللقاء الثالث عندما قال نتنياهو إنه يريد التوصل إلى اتفاق إطار خلال عام، لكن تنفيذه سيستغرق 20 عاماً.
من جهتها، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أن نتنياهو يجري محادثات سرية مع الإدارة الأميركية يطالب من خلالها برزمة مكافآت أميركية كبيرة، مقابل موافقته على تجميد جزئي للاستيطان لمدة شهرين، سيفرض على خرائط بناء جديدة، لا على المنازل التي بدئ البناء فيها خلال الأسبوع الماضي أو التي سيبدأ البناء فيها قريباً.
ولفتت الصحيفة إلى أن نتنياهو وضع ثلاثة شروط أمام الإدارة الأميركية، تتلخص بمنح إسرائيل رزمة مكافآت كبيرة، وتعهد أميركي بعدم مطالبة إسرائيل بتمديد التجميد لأكثر من شهرين، وموافقة وزراء هيئة «السباعية» والحكومة المصغرة للشؤون السياسية والأمنية في إسرائيل على التفاهمات التي يجري التوصل إليها مع الإدارة الأميركية.
أما صحيفة «معاريف» فنقلت عن مصادر مقربة من البيت الأبيض قولها إن الولايات المتحدة قدمت لنتنياهو ورقة ضمانات تتألف من شقين. الأول سري يتعلق بمسائل استراتيجية وأمنية على مستوى عال من الخطورة، وبعيد كل البعد عن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، لكنها تعود بتأثير خطير على أمن إسرائيل. وما ورد في الشق السري من الورقة يستهدف إبعاد هذه الأخطار.

الشقّ السرّي من الضمانات الأميركيّة بعيد كل البعد عن المفاوضات الفلسطينيّة الإسرائيليّة
أما الشق العلني من ورقة الضمانات، فيأخذ شكلاً ضبابياً مرتبطاً بموضوع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث سيستخدمه نتنياهو بتمرير التجميد.
وتوقعت «معاريف» أن يناقش المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر أو الحكومة الموسعة خلال الأسبوع الجاري ورقة الضمانات الأميركية، ولا سيما في ظل توجه الحكومة الإسرائيلية إلى تحديد مصير المفاوضات مع الفلسطينيين قبل اجتماع لجنة المتابعة العربية.
من جهتها، كشفت صحيفة «اندبندنت أون صندي» البريطانية، أن الولايات المتحدة وعدت بمنح إسرائيل مساعدات عسكرية ضخمة واستخدام حق النقض ضد أي قرار ينتقدها في مجلس الأمن الدولي خلال العام المقبل، وتقديم الدعم لاستمرار وجودها العسكري في وادي الأردن بعد قيام الدولة الفلسطينية» مقابل تمديد فترة تجميد لمدة شهرين آخرين.
وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي رفض مسودة رسالة وضعتها وزارة الخارجية الأميركية ومسؤول إسرائيلي بارز، وأثار بذلك غضب الولايات المتحدة.
(الأخبار، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)