خاص بالموقع - بدأ آلاف المواطنين في جنوب السودان التسجيل للاستفتاء الذي طال انتظاره على الاستقلال، وهي أول خطوة ملموسة نحو الاقتراع الذي قد يؤدي إلى تقسيم أكبر دولة في أفريقيا إلى دولتين. وجاءت الخطوة في الوقت الذي اتفق فيه زعماء الشمال والجنوب على إقامة حدود تسمح بحرية حركة التجارة والبدو بين أراضيهم في حالة الانفصال ضمن اتفاق إطار عمل لحل قائمة من النزاعات بين الجانبين.وسيجري في التاسع من كانون الثاني الاستفتاء على ما إذا كانت المنطقة المنتجة للنفط ستعلن استقلالها، وهو ذروة اتفاق السلام الذي وقّع عام 2005، وأنهى عقوداً من الحرب بين الشمال والجنوب وهي أطول حرب أهلية في أفريقيا وأودت بحياة مليوني شخص.
ويتوقع المحللون على نطاق واسع أن يصوّت الجنوبيون لمصلحة الانفصال. ووفقاً لأحد الشهود، فإن رئيس حكومة جنوب السودان، سالفا كير ميارديت، الذي أحاطت به حشود أخذت تغني وتقرع الطبول في جوبا عاصمة الجنوب، كان أول من سجل اسمه.
وقال كير للحشود «سنصوّت في التاسع من كانون الثاني. يجب أن يأتي الناس بأعداد كبيرة. وإلا سيكون الناس قد قاتلوا وماتوا بلا سبب. الاستفتاء سيجرى مرة واحدة».
وتجوّل مسؤولون بمكبرات صوت في شوارع جوبا عاصمة الجنوب منذ الصباح الباكر، داعين المواطنين إلى تسجيل أسمائهم.
وستبقى هذه المراكز مفتوحة حتى الأول من كانون الأول تمهيداً أمام الاستفتاء. وخصصت اللجنة المشرفة على الاستفتاء 2794 مركز تسجيل في مختلف أنحاء البلاد، من بينها 2629 في الجنوب و165 في الشمال. ويحق للجنوبيين المقيمين في شمال السودان والذين يتراوح عددهم بين 500 ألف ومليوني نسمة بحسب التقديرات، المشاركة في الاستفتاء.
في هذه الأثناء، رأى رئيس المفوضية المنظمة للاستفتاء، محمد إبراهيم خليل، قبل يوم واحد من بدء التسجيل، أن البلاد تواجه مرحلة خطيرة في تاريخها، معترفاً بأن المفوضية لم تبذل ما يكفي من جهد للتعريف بأماكن مراكز التسجيل.
وقبل يوم من التسجيل، لم تكن قوائم المراكز متاحة إلا على موقع المفوضية على الإنترنت وفي المدارس. واشتكى الكثير من الجنوبيين من أنهم لا يعلمون أين يسجلون أسماءهم. وسيتمكن الجنوبيون أيضاً من التسجيل في الشمال وثماني دول خارج السودان.
واتهم خليل المانحين الأجانب بتعطيل الاستعدادات لإجراء الاستفتاء بعد عدم تحويل الأموال إلى المنظمين، وإهدار المال في منح لا فائدة منها. وانتقد المجتمع الدولي لعدم تقديم الأموال مباشرة الى مفوضية الاستفتاء كما يقتضي القانون. وقال خليل إن الذين لم يقدموا أي أموال قابلة للاستخدام حتى الآن هم المانحون الدوليون.
وأوضح خليل أن الشركاء الدوليين لا يستشيرون المفوضية حتى في كثير من أعمالهم. وأضاف إنهم يقدمون سلعاً ومواد مكتملة الصنع كما لو كانوا يتعاملون مع قصر. وأشار إلى أن المفوضية تشعر بالاستياء من هذه المعاملة.
في المقابل، قدمت الحكومة الوطنية تسعة ملايين جنيه سوداني (3.8 ملايين دولار) للمفوضية كما قدمت حكومة جنوب السودان المتمتعة بحكم شبه ذاتي عشرة ملايين جنيه.
من جهتها، أوضحت وكالة المعونة الأميركية أنها خصصت ما يصل الى 50 مليون دولار للاستفتاء، لكنها أكدت أنها لن تدفع الأموال مباشرةً الى المفوضية، فيما رأى وزير التنمية الدولية البريطاني أندرو ميتشل، أن الحكومة السودانية وحدها هي التي يجب أن تدفع أموالاً نقدية مباشرة إلى المفوضية.
في غضون ذلك، أصدر الاتحاد الأفريقي الذي يرعى مفاوضات بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم والحركة الشعبية لتحرير السودان، بياناً أعلن فيه أن زعماء الشمال والجنوب وقّعوا اتفاق إطار عمل، يحدد شروط المفاوضات لحل قائمة من الخلافات، من بينها كيفية تقسيم عائدات النفط والدين العام بعد الانفصال. وفي الاتفاق، تعهد الجانبان بعدم العودة الى الحرب وإعطاء الناس الحق في اختيار المواطنة بعد أي تقسيم وبدء ترسيم حدودهما المتنازع عليها على الفور.
وقال بيان الاتحاد الأفريقي إنه في حالة الانفصال ستكون هذه أطول حدود بين دولتين في أفريقيا، وأضاف إن الطرفين يلتزمان بالحفاظ على حدود تسمح بالنشاط الاقتصادي والاجتماعي والتفاعل دون عرقلة.
ولم يتطرق إلى تفاصيل بشأن موقع الحدود المتنازع عليها، وقال إنه لا تزال هناك حاجة الى حل الخلاف بشأن ما إذا كانت منطقة أبيي المنتجة للنفط ستنضم الى الشمال أو الى الجنوب.

(أ ف ب، رويترز)