البرلمان يجدّد اليوم للطالباني والمنافسة على رئاسته تنحصر بين النجيفي والجبوري إيلي شلهوب
انتهت 3 أيام من المفاوضات الماراتونية في العراق، أمس، إلى حال من الانتظار، على أمل توافق مجموعات الكتلة «العراقية» على اسم مرشح لرئاسة البرلمان، بعدما طالبت هذه الأخيرة إرجاء جلسة اليوم من الصباح حتى الثالثة أو الثالثة والنصف من بعد ظهر اليوم، كما أفادت مصادر وثيقة الاطلاع على مفاوضات الكتل البرلمانية العراقية.
وبرز أمس مرشح جديد ينافس على هذا المنصب، يُدعى قتيبة الجبوري، وهو نائب عن تكريت في محافظة صلاح الدين، في مواجهة أسامة النجيفي من الموصل في محافظة نينوى. ولعل ما يميز قتيبة أنه شاب، وهو محسوب على التيار السُّني المعتدل، ما يفتح له أبواب التحالف الكردستاني والتحالف الوطني، خلافاً للنجيفي. ويحظى قتيبة في الحد الأدنى بدعم المجموعة البرلمانية الخاصة بصالح المطلك، حسب ما تفيد تلك المصادر، وإن كانت مصادر أخرى تقول إنه سيدعم على الأرجح النجيفي في مقابل دعم الأخير لتوليه وزارة الخارجية.
ولعل الاتفاق العملي الوحيد الذي جرى خلال تلك الاجتماعات الماراتونية ينحصر في إقرار جلال الطالباني رئيساً للجمهورية ونوري المالكي رئيساً للوزراء.
ومن المقرر أن يعقد رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود البرزاني، مؤتمراً صحافياً بين العاشرة والحادية عشرة من قبل ظهر اليوم يكشف في خلاله ما جرى في محادثات الكتل البرلمانية التي عقدت برعايته، ويحدد في الوقت نفسه موقف التحالف الكردستاني مما يجري، على ما تحدثت مصادر قريبة من الأكراد.
اتجاه لانتخاب همام حمودي نائباً لرئيس البرلمان لمحاولة استعادة «المجلس الأعلى»
وبحثت الكتل المجتمعة يوم أمس جميع النقاط الـ13 الخلافية في ما بينها، ومنها المصالحة الوطنية وصلاحيات المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية، وموضوع المساءلة والعدالة (لجنة اجتثاث البعث سابقاً)، بحسب المصادر المطلعة التي أشارت إلى أن «المجتمعين دخلوا بتفاصيل نحو ٧٥ في المئة منها، وكانت النتيجة إحالة بعضها على الحكومة المقبلة والبعض الآخر على اللجان النيابية لحسمها». وأوضحت أنه «على سبيل المثال، جرى التوافق على انتخاب هيئة جديدة للمساءلة والعدالة بعد نحو ستة أشهر، وكان التوافق من حيث المبدأ على أن القرارات التي يتخذها المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية بغالبية ٨٠ في المئة، تكون ملزمة للحكومة. وجرى التداول في إلغاء هذا المجلس بعد سنة من اليوم. ولمّا بلغ النقاش المناصب الرئاسية الثلاثة، جرى التوافق على الطالباني رئيساً للجمهورية والمالكي رئيساً للحكومة. ومع بدء النقاش بشأن رئاسة البرلمان، أُبلغت «العراقية» بأن هذا المنصب من حقها، وسُئلت عن اسم الشخصية التي سترشحها له. عندها، طلبت قطع الاجتماع لعقد اجتماع لأركانها. ولما عادوا، بدا واضحاً أن الخلافات تعصف بهم. طلبوا إرجاء الجلسة البرلمانية التي كانت مقررة صباحاً إلى بعد الظهر، مع أن يتعهدوا بحضورها وبيدهم اسم المرشح لرئاسة البرلمان».
وفي خلال جلسة الكتل بعد ظهر أمس، «غادر علاوي فجأة وأجرى اتصالاً بالقيادات الصدرية التي تقوم بوساطة بينه وبين المالكي، وأبلغها بأنه لن يقبل إلا بمنصب رئيس الجمهورية. فكان الجواب عبارة عن مطالبة له بالتعقل وبأن الأمور قد بلغت خواتيمها وأن عليه أن يقبل بما يعرض عليه، وإلا فسيخرج من المعادلة. يبدو أنه لم يقتنع»، بحسب ما أفادت مصادر شاركت في الاجتماع وأخرى قيادية في التيار الصدري أوضحت أنه «أرسل بعد ذلك بطلب المجموعات التي كانت من أوائل من انشق عنه، وبالتحديد جماعة قتيبة التي تقول إنها تضم بين ثلاثين وأربعين نائباً، إضافة إلى النواب الشيعة في «العراقية»، وأبلغهم ما معناه أن يرشحوا الشخصية التي يريدونها، وأنه سيدعمها، مشيراً إلى أن قادة السُّنة ضمن العراقية سيبيعونهم كما باعوه».
وكان علاوي قد انسحب بالطريقة نفسها من جلسة أول من أمس حرداً من تصرفات الثلاثي صالح المطلك وأسامة النجيفي وطارق الهاشمي، وإن بررت جماعته الأمر بوعكة صحية ألمت به. ولما طُلب من هؤلاء الثلاثة «تهدئة خاطره، كان الجواب عبارة عن رفض فجّ عنوانه: فليفعل ما يشاء». أما علاوي، فقد برر خروجه بأنه يريد أن يفسح للآخرين من كتلته المطالبة بالمواقع التي يريدونها من دون أن يسبب وجوده إحراجاً لهم أو عامل ضغط عليهم، بحسب ما أوضحت مصادر قريبة منه. علماً بأن مفاوضي التحالف الوطني كانوا حرصاء في خلال جلسات المفاوضات على حضه على المشاركة بالتي هي أحسن تحت عنوان أن «مقاعد المعارضة لن تقدم لك شيئاً وستجلس فيها وحدك، إذ إن أياً من حلفائك في العراقية لن يرافقك إليها. يبدو أن هذا هو خياره».
مهما يكن من أمر، تتوقع مصادر من شركاء السر في المفاوضات أن تدخل المجموعات المنضوية تحت لواء «العراقية» اليوم جلسة البرلمان كل بمرشح خاص بها، على أن يكون التصويت للمرشح الذي يحظى بالقدر الأكبر من التأييد في صفوف «العراقية».
أوساط نوري المالكي تبدو غير آبهة بالطريقة التي ستتعامل بها «العراقية» مع استحقاق اليوم. تقول «إن قدمت مرشحاً فخير، وإن لم تفعل فإياد السامرائي جاهز لتقديم ترشيحه لرئاسة البرلمان. لعل المشكلة الأكبر التي تعانيها هي قضية النصاب داخل البرلمان، ذلك أن عدداً غير معروف من نواب التحالف الوطني وغيرهم كانوا حتى الأربعاء خارج البلاد. استُدعوا جميعاً للعودة. المشكلة في الحجّاج الذين توجهوا إلى مكة»، إذ لم يكن معلوماً أمس إمكان إعادتهم في الوقت المطلوب للحضور.
وكان لافتاً أمس أداء التحالف الوطني، الذي تصرف للمرة الأولى كمؤسسة منظمة، على ما بيّنت إدارته للاجتماعات بنجاح وبكفاءة عالية وتوزيع للأدوار عالي التنسيق. وكان التحالف قد عقد صباح أمس اجتماعين، واحد مغلَق والآخر مفتوح تحدث في خلاله نوري المالكي الذي أكد، في مؤتمر صحافي عقده في أعقابه أن اليوم سيكون «بداية تأسيس الدولة العراقية، لا الحكومة فقط»، مهاجماً في الوقت عينه «الشركاء» الذين «يستغلون الدولة لضرب الدولة». وأضاف أن «يوم الخميس سيكون الرصاصة الأخيرة في رأس الفتنة التي انطلقت منذ ما قبل الانتخابات وجاءت بما جاءت به» في إشارة إلى فوز «العراقية». وكان المالكي قد طلب من التحالف العمل على اختيار نائب لرئيس البرلمان يفترض انتخابه في جلسة اليوم. وبدا أن الأمور تتجه نحو اختيار همام حمودي لهذا المنصب في محاولة لإعادة «المجلس الإسلامي الأعلى» إلى أحضان التحالف.
وتقول مصادر من «دولة القانون» إن صالح المطلق عرض تأليف وفد لزيارة الرياض بعد الاتفاق في بغداد، مشيرة إلى أنها ترى احتمالات حصول أمر كهذا «مرتفعة، أخذاً في الاعتبار معرفتها بشخصية المالكي ابن العشيرة».