تقرير حريق الكرمل يوزّع المسؤوليات على نتنياهو وباراك ويشاي مهدي السيّد
قدّم مراقب الدولة الإسرائيلي، القاضي المتقاعد ميخائيل ليندنشطراوس، تقريراً عن جهاز إطفاء الحرائق بعد الحريق الذي اندلع في أحراج جبل الكرمل، حذّر فيه من أن وضع جهاز الإطفاء في إسرائيل يزداد سوءاً منذ التقرير السابق، الذي أُعد في أعقاب حرب لبنان الثانية، وأن وضعه تفاقم إلى حد خطورة الانهيار أثناء الطوارئ.
وأجمل ليندنشطراوس في تقريره مظاهر الإخفاق المتواصل التي تعصف بجهاز الإطفاء، ولا سيما الإدارة غير السليمة كلياً، وتقاذف كرة المسؤولية بين الوزراء، والاستهتار بحياة الإسرائيليين، وهو ما تجلّى بأبهى صوره في الحريق الأخير الذي اندلع في أحراش الكرمل وأودى بحياة 42 إسرائيلياً، فضلاً عن الأضرار الحرشية والبيئية الهائلة.
ولم يكتف مراقب الدولة بالإشارة إلى المشاكل والعيوب التنظيمية والبشرية والمالية التي يعانيها جهاز الإطفاء، فوزّع المسؤولية عن الإخفاق على الوزراء المعنيين، فحمّل وزير الداخلية إيلي يشاي المسؤولية التنظيمية عن الفشل، وألقى على كاهل وزير المال يوبال شتاينتس مسؤولية التقصير المالي، ورأى أن وزير الدفاع إيهود باراك بدا وزيراً منقطعاً عن الواقع، وغير ضالع في تقديم حل للمشكلة على الرغم من أنه يتحمل المسؤولية العليا عن الاهتمام بالجبهة الداخلية في حالات الطوارئ. ولم يسلم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من سهام الانتقاد، لأنه كان على علم بالوضع المزري لجهاز الإطفاء وتلكّأ عن اتخاذ القرار المناسب.
وقال ليندنشطراوس، في تقريره، «حقيقة أن معالجة المشكلة على يد نائب رئيس الحكومة وزير الداخلية، السيد إيلي يشاي، بالتعاون مع وزارتي المال والدفاع، طالت كثيراً ولم تسهم في الدفع قدماً بالحلول العملية والخطط المشتركة، وهي بمثابة الفشل الذي مغزاه الاستهتار بالسكان المدنيين أثناء الطوارئ».
وإضافة إلى تحميل يشاي المسؤولية الرئيسة عن الفشل لكونه الوزير المسؤول حكومياً عن جهاز الإطفاء، وجّه مراقب الدولة انتقادات شديدة إلى وزير المال يوفال شتاينيتس لمسؤوليته عن انهيار جهاز الإطفاء لأنه لم يوفّر له التمويل الكافي. كما انتقد وزير الدفاع ايهود باراك بصفته المسؤول عن سلطة الطوارئ الوطنية.
وفي سياق إشارة التقرير إلى مواضع الخلل والإخفاق، تطرق ليندنشطراوس إلى النقص الكبير في جهوزية جهاز الإطفاء وتنظيمه، وخصوصاً في ما يتعلق بالقوى البشرية وسيارات الإطفاء ومحطاته والعتاد الذي يحتاج له الجهاز.
وقال مراقب الدولة إن ضرورة إصلاح الخلل الكبير في الجهاز تكتسب أهمية كبيرة في ضوء تقديرات الجيش الإسرائيلي بوجود خطر على الجبهة الداخلية الإسرائيلية في حال اندلاع حرب، أكبر من الخطر الذي جرى التحذير منه عشية حرب لبنان الثانية.
وأضاف التقرير أن وضع جهاز الإطفاء ازداد سوءاً بعد حرب لبنان الثانية «الأمر الذي من شأنه المسّ بنحو جوهري بكل جهاز الإنقاذ والتسبب بوقوع عدد كبير من القتلى وإلحاق أضرار بالغة بالأملاك وبالتالي بمناعة الجبهة الداخلية».
وحذّر التقرير من أنه في الحرب المقبلة «يتوقع إطلاق مئات الصواريخ يومياً باتجاه أنحاء البلاد، وإصابة مناطق عدة في وقت واحد»، وأنه «في حالات الطوارئ لن يتمكن جهاز الإطفاء بوضعه الحالي من مواجهة عدد كبير من الأحداث، لذلك فإن الجهاز قد ينهار على أثر ضغط العمل المتوقع وعدم توفير الخدمات المطلوبة للسكان، ما يعني أن عدداً كبيراً من السكان سيواجه خطر الموت».
وذكر التقرير أن يشاي، الذي يشغل منصب وزير الداخلية منذ نيسان 2009، حذّر أمام رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من حال جهاز الإطفاء، إلا أنه فقط في تموز 2010 اتخذ قرار في الحكومة بشأن تحسين وضع الجهاز، وأن يشاي لم يعمل بما يكفي من لتحسين الوضع والحصول على ميزانيات لجهاز الإطفاء.
وفي ضوء المعطيات الخطيرة التي كشف عنها تقرير المراقب، صدرت العديد من ردود الأفعال، ولا سيما من الوزارات أو الوزراء المعنيين بالانتقادات التي تضمّنها التقرير، في مقابل صدور أصوات من داخل الحكومة وخارجها تنتقد أداء الوزراء وتطالب باستقالة يشاي.
وفي أول رد فعل على التقرير، سارع يشاي، وهو المتهم الرئيس، إلى عقد مؤتمر صحافي قال فيه إن التقرير شدّد على أن الإخفاق مستمرّ منذ فترة طويلة، وكل الحكومات السابقة مسؤولة عنه، مدعياً أن التقرير يمنح رياح إسناد لكل التحذيرات التي أطلقها وللعمل الذي أنجزه منذ تسلّمه منصبه، كما لفت إلى أن حملة الانتقادات التي طالته تأتي في إطار عملية تنكيل إعلامي به.