يبدو أن تركيا وإسرائيل باتتا على طريق المصالحة، بعد التسريبات عن توصّل الطرفين إلى تفاهم على اعتذار إسرائيلي ودفع تعويضات عن شهداء أسطول الحريّة. غير أن الشكوك لا تزال تحوم حول احتمال عودة العلاقات إلى طبيعتها
علي حيدر
كشفت تقارير إعلامية إسرائيليّة عن أن الاتصالات بين أنقرة وتل أبيب انتقلت الى مرحلة البحث عن صيغة اعتذار ترضي تركيا ولا تمسّ بإسرائيل، عبر التشديد على أن الجيش الإسرائيلي لم يقتل الأتراك على متن قافلة أسطول الحرية على نحو متعمّد. ومن المرتقب أن تتضمن الصيغة تقديم تعويضات لعائلات القتلى الأتراك، أو على الأقل الإعراب عن الاستعداد للقيام بذلك. ونقلت صحيفة «معاريف» عن مصدر سياسي رفيع المستوى قوله إن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يعمل في الآونة الأخيرة على محاولة إعادة العلاقات بين تركيا وإسرائيل الى مسارها الطبيعي، مشيرة الى أن «رئيس الوزراء ينظر بأهمية كبرى الى تحسين العلاقات مع تركيا، وهو مصمم على ضمان عدم تعرض جنود وضباط الجيش الإسرائيلي لأي دعاوى قانونية».
في المقابل، أعرب وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، عن معارضته الشديدة لإجراء مصالحة مع تركيا، ووجّه في هذا السياق انتقادات شديدة لنتنياهو على خلفية الاتصالات التي يجريها مع تركيا، ملوّحاً بالانسحاب من التحالف الحكومي.
وفيما أكدت صحيفة «هآرتس» أن نتنياهو أطلع ليبرمان على الاتصالات مع تركيا، التي تحفّظ عليها في محادثات مغلقة جرت خلال الأيام الماضية، وصف مقرّبون من وزير الخارجية الاعتذار لتركيا بأنه «خضوع للإرهاب». وأضافوا إنه «إذا تعيّن على أحد أن يعتذر، فإن تركيا هي التي ينبغي عليها الاعتذار لإسرائيل» وتقديم التعويضات لها على خلفية دعمها لمجموعة «الإرهابيين» ومنظمة الإغاثة الإنسانية «IHH»، التي عرَّفتها دول أوروبية، مثل ألمانيا، على أنها منظمة إرهابية.
في ظل هذه الأجواء، لفتت «هآرتس» إلى أن الانتقادات التي قالها المقربون من ليبرمان تصعد التوتر بين وزير الخارجية ورئيس الوزراء إلى مستوى غير مسبوق، محذرة من أن موقف ليبرمان قد يؤدي الى فشل الاتصالات مع تركيا أو إلى أزمة ائتلافية، وربما انسحاب ليبرمان وحزب «إسرائيل بيتنا» من الحكومة.
وعقد مساعد وزير الخارجية التركي فريدن سينيرليوغلو ومندوب إسرائيل في لجنة التحقيق في أحداث الأسطول التابعة للأمم المتحدة يوسف تشيخانوفير جلستي محادثات في جنيف في مطلع الأسبوع الجاري.

ليبرمان يعارض إجراء مصالحة مع تركيا، ويلوّح بالانسحاب من الحكومة
وأوضحت صحيفة «هآرتس» أنها حصلت على معلومات تفيد بأن الجانبين اتفقا في ختام المباحثات على عرض التفاهمات التي توصلا إليها أمام نتنياهو ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان للحصول على تعليمات أخرى حيال متابعة الاتصالات. واستكمالاً للمساعي، توقعت الصحيفة أن يلتقي خبراء قانونيون من الجانبين في الأيام القريبة المقبلة بهدف صياغة التفاهمات التي ستضع تحفظات الجانبين بعين الاعتبار.
في المقابل، جدد أردوغان، أول من أمس، مطالبة إسرائيل بالاعتذار عن الهجوم على أسطول الحرية إذا أرادت أن تفتح صفحة جديدة في العلاقات مع تركيا.
وأوضح أردوغان، خلال جلسة لحزب العدالة والتنمية، أن تركيا سارعت «لمداواة جروح الشعب الفلسطيني في غزة»، والآن «سارعنا لمساعدة إسرائيل في الجدية نفسها»، مضيفاً «لا يمكن أن نبقى غير مهتمين لتدمير الغابات وقتل الناس بحريق لأن لدينا مشاكل مع إسرائيل، فذلك يتناقض مع مفهومنا للإنسانية وقيمنا الأخلاقية». غير أنه شدد على أن ذلك لا يعني «أننا نسينا ما حصل في غزة». وأكد أردوغان، من جهة أخرى، أنه لا يمكن أي طرف أن يملي على تركيا سياستها الخارجية. وقال «لا يمكن أن تبقى تركيا غير مهتمة للتطورات في منطقتها، لا يمكن أن نتجاهل علاقاتنا مع الدول المجاورة والإقليمية»، مجدداً الإشارة إلى أن تركيا لم تغيّر محورها.