في خطوة تؤكّد ارتفاعاً غير مسبوق لمنسوب التطرف في إسرائيل، أصدر عشرات الحاخامات الإسرائيليين، معظمهم من الموظفين الحكوميين نداءً، أمس، للسكان المحليين يقضي بعدم بيع أو تأجير عقارات إلى غير اليهود، في إشارة إلى الفلسطينيين، ما أثار موجة من ردود الفعل الإسرائيلية والعربية المنددة. وقال الحاخامات، في بيان جاء تأييداً لفتوى أصدرها حاخام مدينة صفد، شموئيل إلياهو، وأيّدها الزعيم الروحي لحزب «شاس»، الحاخام عوفاديا يوسف، إن «التوراة تحرّم بيع منزل أو حقل من أرض إسرائيل إلى غريب».
ولفت الحاخامات إلى أنه «في أيامنا هذه لم يعد إلقاء الحرم قائماً. لكن ينبغي أن يلقى أي شخص يبيع أو يؤجّر (لغير اليهود) التوبيخ المناسب، في البدء بصورة خاصة، ولاحقاً علناً» بسبب الضرر الذي يسبّبه.
وذهب حاخام مدينة أسدود، الذي ورد اسمه بين الموقّعين على البيان، إلى أبعد من ذلك، معتبراً أن «العنصرية مصدرها في التوراة، وأرض إسرائيل هي لشعب إسرائيل»، قبل أن يستدرك بالقول «إن الحديث لا يدور عن عنصرية، وإنما عن تقوقع... فهناك عالم كبير، ودولة إسرائيل صغيرة للغاية، وقد وهبها الرب لشعب إسرائيل والجميع يطمعون بها، وهذا هو الغبن».
في غضون ذلك، استتبع البيان ردود فعل منددة عربية وإسرائيلية، وسط تحذيرات من مخاطر تداعيات البيان.
ورأى رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أنه «لا بد من رفض هذا النوع من المواقف في دولة يهودية وديموقراطية تحترم العقيدة اليهودية والتوراة»، فيما نقل عن الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز قوله إن «بيان الحاخامات يخلق أزمة أخلاقية وجذرية في إسرائيل».
من جهته، رأى وزير شؤون الأقليات الإسرائيلي أفيشاي برافرمان، أن «هؤلاء الحاخامات خانوا مناصبهم ودورهم»، فيما عبّر وزير الرفاه يتسحاق هرتسوغ عن تأييده لفصل الحاخامات الموقّعين على الفتوى من وظائفهم.
أما المدير العام للحركة اليهودية الإصلاحية، الحاخام غلعاد كاريف، فقد رأى أنه «بعد مسّها السيئ بحرية العبادة والضمير، تحولت المؤسسة الحاخامية في إسرائيل إلى عشّ من المجذومين العنصريين الذي يوصم دولة إسرائيل كلها واليهودية الإسرائيلية بعار كراهية الغرباء».
وحذر من أن «المجتمع الإسرائيلي سيرتكب خطأً خطيراً إذا استمر في الصمت على ضوء تحدي حاخامات المدن لقوانين دولة إسرائيل»، داعياً إلى «اجتثاث هذه الظاهرة المخزية والخطيرة».
وبينما رأى عضو الكنيست إيلان غيلئون من حزب «ميرتس» أنه «لا مكان للحاخامات الذين يتحدثون كآخر الكهانيين (نسبة إلى الحاخام العنصري مائير كهانا) في سلك خدمات الدولة»، أخرج رئيس الكنيست رؤوفين ريفلين، العضو العربي في الكنيست طلب الصانع، من جلسة الهيئة العامة للكنيست بعدما وصف الحاخامات الذين وقّعوا على الفتوى بأنهم «حثالة الجنس البشري» وأنهم «ليسوا حاخامات، بل عنصريون».
من جهته، رأى رئيس الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة، النائب محمد بركة، أن هذا النداء «دعوة عنصرية بامتياز»، داعياً المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية يهودا فاينشطاين إلى «التحقيق مع هذه العصابة، وتقديمها للمحاكمة».
وأوضح مدير مركز عدالة القانون لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل، حسن جبارين، أن «هذه الرسالة لم تكن مفاجئة»، في ظل الحكومة الحالية التي يشارك فيها حزب «إسرائيل بيتنا» ويقوم برنامجه أساساً على طرد العرب من الدولة».
(أ ب، أ ف ب، يو بي آي)