فجّر رمز الإسلام السياسي في تركيا، رئيس الحكومة الأسبق نجم الدين أربكان، أمس، مفاجأةً من العيار الثقيل، بوصفه رجب طيب أردوغان وعبد الله غول بأنهما «أداة بيد المؤامرة الصهيونية»
أرنست خوري
آخر ما كان ينقص رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان وحزبه الحاكم «العدالة والتنمية» هو أن يتلقّيا صفعة بمثابة الشتيمة من... «الأستاذ» و«المعلم» بالنسبة إليهما، أي من رئيس الحكومة الأسبق نجم الدين أربكان، رمز الإسلام السياسي في تركيا. ببساطة، أردوغان وحزبه هما «أداة بيد المؤامرة الصهيونية». حتى إنّ وصول الحزب إلى السلطة عام 2002 «حصل بمساعدة من الحركة اليهودية العالمية»، هكذا يرى أربكان، الذي تعهد العمل الحثيث لفكّ «الطوق الصهيوني المربوط حول عنق تركيا»، من خلال اقتناعه بأنّ المواطنين الأتراك سيصوّتون لحزب «السعادة» في الانتخابات التشريعية في حزيران المقبل.
كلام صدر عن أربكان (84 عاماً) في مقابلة حصرية مع الصحيفة الأقرب للحزب الحاكم، «توداي زمان»، من منزله بحيّ «بلغات» في العاصمة أنقرة، أمس، ويُتوقَّع أن تكون له ارتدادات أشبه بالزلزال السياسي في تركيا، وخصوصاً أنّ شعبية أردوغان وحزبه مشتركة إلى حد بعيد مع شعبية أربكان وحزبه الحالي، «السعادة»، وريث الأحزاب الإسلامية لأردوغان ولرفاقه، بدءاً بـ «النظام الوطني» مروراً بـ «السلامة الوطني» ثم أشهرهم «الرفاه»، و«الفضيلة» قبل «السعادة».
ورداً على سؤال، تساءل أربكان: «لماذا وافق (أردوغان) على منح إسرائيل العضوية الكاملة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (ocde) بدل وضع فيتو على عضويتها فيها؟ لماذا دفعت حكومته مليارات الدولارات في عقود عسكرية مع شركات إسرائيلية؟ لقد قال أردوغان لـ (الرئيس الإسرائيلي شمعون) بيريز «دقيقة واحدة» في منتدى دافوس، لكنه واصل الأعمال كالمعتاد مع الدولة العبرية». وختم بالقول «إنّ كليهما، أردوغان و(الرئيس عبد الله) غول، أداة بيد المؤامرة اليهودية العالمية. ربما لا يدركان أنهما يخدمان المصالح الإسرائيلية، لكنهما يفعلان ذلك، بدليل ما جاء في كتاب هارون يحيى وغاري آلن عن هذا الموضوع».

الغضب على أردوغان وغول قد يكون مرتبطاً بالانشقاقات في حزب «السعادة»

هكذا، قد يكون أول شيء أصاب الرئيس غول عندما قرأ مضمون المقابلة هو الندم. الندم لأنه أصدر عفواً رئاسياً عن أربكان في 18 آب 2008 بسبب تدهور حالته الصحية، وهو المحكوم بتهم عديدة، آخرها السجن لعامين لـ «اختلاس أموال من حزب الرفاه» المنحلّ.
حتى أكثر العارفين ببواطن التوتر الذي يكتنف العلاقة بين فريق عمل «العدالة والتنمية» و«سعادة» أربكان، والضليعين بالمواقف المتشددة للرجل تجاه الاتحاد الأوروبي، الذي يريد «استعباد الأتراك»، و«المجتمع الدولي المسيحي الغربي»، لم يكونوا يتوقّعون أن تصل الأمور به إلى درجة شنّ مثل حملة كهذه ضد تلامذته السابقين، وخصوصاً أنّ هؤلاء سعوا على مدى سنوات إلى الحفاظ على خيط من العلاقة مع أربكان وحزبه. ويرى البعض إمكان أن تكون الانشقاقات، التي ضربت حزب «السعادة» خلال مؤتمره العام الرابع في الصيف الماضي، مرتبطة بغضبه من أردوغان وغول، إذ إنّ البعض يعتقد بأن المشاكل الداخلية التي عاشها الحزب وانتهت بخروج رئيس الحزب، نعمان كرتلموش، من صفوف «السعادة» لتأسيس حزبه الخاص، ترتبط بطريقة إدارة أربكان ونجليه للحزب، بالتالي قد تكون متصلة برغبة بعض القادة الحزبيين في التصالح مع «العدالة والتنمية»، وهو ما لم (منذ 2000) ولن يسمح أربكان بحدوثه.