غزة | يعاني القطاع الصحي في غزة نقصا في الأدوية عموماً، وأدوية الأمراض المزمنة على وجه الخصوص، ما عكس معاناة كبيرة على أضعف فئات المجتمع الفلسطيني كمرضى السرطان والقلب. وتزيد هذه الأزمة الصراع السياسي بين حركتي «فتح» و«حماس»، متمثلاً بوزارة الصحة في رام الله وفرعها، أو نظيرتها، في غزة.
هذه المعاناة المتراكمة قد تعبر عنها حالة فايز الظاظا، الذي لم يكن بتر قدمه في الحرب الأخيرة مأساته الوحيدة، فابنته التي لم تتجاوز العشر سنوات فقدت يدها أيضاً. يزيد الطين بلة أنهما يفتقدان القدرة على توفير العلاج اللازم، فضلاً عن تأخر عمليات مكلفة.
أزمة نقص الأدوية ألقت ظلالها السيئة على ذوي الأمراض المزمنة، أو من يحتاج إلى عناية خاصة من جرحى الحروب الإسرائيلية، وهو ما دعا «منظمة الصحة العالمية» إلى التحذير «من تأثير استمرار أزمة نقص الأدوية على أوضاع المرضى في غزة».
إلى جانب ذلك، يأتي بطء السلطة في تحويل الأموال للشركات المشغلة لمولدات الكهرباء في مستشفيات غزة، فيما تضطر هذه المستشفيات من الطلب من المرضى شراء علاجهم على نفقتهم الخاصة، من خارج الصيدليات الحكومية، برغم غلاء سعره. أيضاً، يساهم إغلاق معبر رفح ومنع المرضى من السفر خارج القطاع لتلقي العلاج في مضاعفة الأزمة، وخاصة أن عمليات كثيرة لا يمكن إجراؤها في القطاع.
وتقول وزارة الصحة في غزة إن مخازها تكاد تخلو من الأدوية الخاصة بعلاج الأطفال الذين يعانون هبوط «الغدة الدرقية الوراثي» ومرض الفينايل كيتونيوريا (PKU)، كما أشارت إلى أنها قد «تضطر إلى إغلاق بعض المراكز الطبية، أو تجميد الخدمات الصحية المقدمة إذا استمر نفاد الأدوية». وقدرت الوزارة أن نسبة النقص في قائمة الأدوية الأساسية وصلت 30%، وفي المستهلكات الطبية 55% (بواقع 342 صنفاً)، وأن ما يزيد على 10% منها مهددة بالنفاد.
في هذا السياق، يشرح محمد الراعي، وهو مدير «مركز الرضوان الطبي» أنه خلال الربع الأول من العام الجاري «صرف المركز أكثر من 1500 روشتة علاج لألف مريض استفاد منها، بتكلفة وصلت إلى 30 ألف دولار»، لكن في الوقت الحالي، يضيف الراعي، أن كل المنظمات الإنسانية في غزة، وخاصة التي تستفيد من أدوية وزارة الصحة تعاني بسبب نقص العلاج، وخاصة للأمراض المزمنة ولأمراض الأطفال.
أما الخبر الذي كان بمنزلة الصدمة بالنسبة إلى أهالي القطاع، فهو إعلان وزارة الصحة «اضطرارها إلى وقف خدمة جراحة القلب في مستشفى غزة الأوروبي وقصر الخدمة في مجمع الشفاء على الحالات الطارئة». وبينت الوزارة أن إجراءاتها شملت خفض العمل في خدمة القسطرة القلبية إلى 50% في كل من مستشفى غزة الأوروبي ومجمع الشفاء، وأيضاً إغلاق مراكز طبية وتقليص ساعات العمل في عيادات أخرى.
ونبهت «الصحة» إلى أن العديد من المستشفيات الحكومية مهددة بالتوقف عن العمل لنقص الوقود، في وقت ردت فيه رام الله بأن «مسؤولي الصحة في غزة يفتعلون الأزمات لتقليص الخدمات في القطاع»، قائلة إنها تقوم بمسؤولياتها كاملة إزاء تقديم الدعم اللازم.