تسعة أشهر مضت على توقف الجولة السادسة من الحرب بين السلطات اليمنية والحوثيين، لم تكن كافية لإعادة الاستقرار نهائياً إلى المحافظات الشمالية. وتعيش صعدة وجوارها على وقع اشتباكات وتهديدات متقطعة تتعدد أطرافها، ما يبقي المخاوف من جولة جديدة من الحرب قائمة ما لم تستطع المبادرات السياسية إيجاد حلول جذرية لأسباب تجدد الحرب.
وعلى الرغم من تراجع الاشتباكات بين الجيش اليمني والحوثيين، إلا أن العلاقة بين الطرفين لا تزال متوترة، وشهدت خلال الشهر الحالي ارتفاعاً في مستوى الاتهامات المتبادلة.
فالرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، الذي يسعى إلى استثمار نجاح خطة أجهزته الأمنية في عدن خلال تنظيم خليج 20، توعد الحوثيين بإجراءات مماثلة بهدف الحد من نفوذهم.
في المقابل، تعامل الحوثيون مع هذه التهديدات بجدية، ولا سيما أنها ترافقت مع رسالة ثانية من صالح تُرجمت تضييقاً على المعتقلين الحوثيين في سجون السلطة.
واختار الحوثيون أن يحمل ردهم بعدين: سياسي وعسكري في آن واحد، فأعلنوا تكثيف التنسيق بينهم وبين ممثلي اللجنة التحضيرية للحوار الوطني.
وتبنت لجنة الحوار التي تخوض معركة مع النظام اليمني لإجراء إصلاحات سياسية ودستورية رؤية الحوثيين لكيفية حل أزمة صعدة، وفي مقدمتها إعادة إعمار ما دمرته الحرب وتعويض المتضررين وإطلاق المعتقلين والكشف عن المفقودين.
في المقابل، اتفق الحوثيون مع اللجنة على ضرورة حل الأزمة الجنوبية وقضية بناء الدولة والشراكة في السلطة.
وفي الوقت نفسه، عمد الحوثيون إلى إجراء مناورات عسكرية لمدة أسبوع، استخدموا فيها دبابات وأسلحة ثقيلة كانوا قد استولوا عليها من الجيش اليمني.
والتوتر مع السلطة ترافق مع مواجهات متقطعة بين القبائل والحوثيين بحجج مختلفة؛ فتارةً يدور الحديث حول نقاط تفتيش حوثية تسبب الخلافات، وتارة تفيد المعلومات عن كمائن تنصبها للحوثيين القبائل الموالية للسلطة.
كذلك فرض تنظيم «القاعدة» نفسه لاعباً إضافياً في المحافظات الشمالية، بعدما استهدف من خلال هجومين انتحاريين الشهر الماضي مواكب لأنصار الحوثيين.
في ظل هذه الأجواء، استأنفت الوساطة القطرية مساعيها الهادفة إلى تطبيق اتفاق المبادئ الموقع في الدوحة، بعد جولة من اللقاءات المكوكية لمبعوثين قطريين مع ممثلي السلطة والحوثيين، وسط تكتم شبه تام على نتائجها.
وتأكيد الحوثيين تمسكهم بالوساطة القطرية، لم يمنع نائب الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، من التهرب منها قبل أيام، وتحميلهم مسؤولية قيادة البلاد إلى الحرب السادسة.
إلا أن اللافت هو تزامن الحراك القطري مع ظهور بوادر لعودة التقارب الإيراني اليمني، تجلت أولى ملامحه مع زيارة المبعوث الخاص للرئيس الإيراني حميد بقائي إلى صنعاء، ولقائه بالرئيس اليمني علي عبد الله صالح. وأعرب بقائي عن أمله أن تكون هذه الزيارة «بداية مباركة لمرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين»، أتى وسط تردد معلومات عن احتمال قيام صالح بزيارة قريبة لطهران. والمرحلة الجديدة، في حال توافُر عوامل نجاحها، لن تكون العلاقة بين الحوثيين والسلطة بمعزل عن تداعياتها الإيجابية.