القاهرة ــ الأخبار «الأستاذ» هو الاسم الكودي لجاسوس إسرائيلي جديد يعمل في القاهرة منذ 20 عاماً، كشفت عنه اعترافات طارق عبد الرازق عيسى حسن، المتهم بالتخابر للموساد وتجنيد موظفين في شركات الاتصالات في القاهرة ودمشق وبيروت.

الجاسوس، الذي يحاكم أمام محكمة أمن الدولة العليا بداية من 15 كانون الثاني المقبل، كشف في اعترافاته عن جاسوس لا يزال حراً طليقاً، رغم أنه يعمل منذ 20 سنة، جند خلالها عدداً كبيراً من المصريين، وهو ما يُعَدّ تحدياً للاستخبارات المصرية، وقد يُصبح «نكسة» جديدة لـ«الموساد».
«الأستاذ» قابل جاسوس الاتصالات المصري في بكين، لكنه يعمل من القاهرة، ولم تتغيّر جلسته على مقهى شارع جامعة الدول العربية، حسب اعترافات طارق عبد الرازق في القضية التي منحتها الأجهزة المصرية الرقم 650 لسنة 2010 أمن دولة عليا.
الشبكة، التي لا تزال بعيدة عن أعين الأمن، ليست المفاجأة الوحيدة في الاعترافات، حيث أكد الجاسوس المحبوس أن معلوماته تؤكد مسؤولية إسرائيل عن قطع الكابل البحري لشبكة الإنترنت المصرية، ما سبّب خسائر اقتصادية فادحة لجميع الشركات الكبرى التي تنفذ معاملات مالية عبر الشبكة.
وتتوافق المفاجآت مع توجهات في السلطة المصرية لتفسير بعض الأزمات وفق نظرية المؤامرة التي يسخر المصريون منها، ويشيرون إلى أنها جعلت «الموساد» مسؤولاً عن كل شيء، من هجوم أسماك القرش في منتجع شرم الشيخ، إلى معارك غرف النوم في الأسرة المصرية.
الاعترافات فتحت ولم تغلق ملف «الموساد» في القاهرة، وتشعبت المعلومات الواردة في القضية إلى درجة أشارت إلى تورط السفير الإسرائيلي نفسه، وهو ما شرح الإجازة المفاجئة التي قالت مصادر إسرائيلية إنها بغرض «الاستجمام». إلا أن البعض لاحظ أن إسحق ليفانون غادر القاهرة منذ أيام بصحبة عائلته. وتحدث شهود عن أن السفير، على غير العادة، سافر مصحوباً بثلاث حقائب كبيرة، وهو ما يعني أنها ليست مجرد إجازة استجمام.
ورغم أن السجالات غير المعلنة بين القاهرة وتل أبيب لم تكشف عن درجة تورط السفير، إلا أنه (السفير) مصنف في الأجهزة المصرية على أنه «مثير للجدل» نظراً لتاريخه، فهو مولود في لبنان، والدته، شولا كوهين كيشيك، سبق أن حكمت عليها السلطات اللبنانية عام 1961 بالإعدام بتهمة التجسس طوال 14 عاماً لمصلحة إسرائيل، ولم يفرج عنها إلا في صفقة لتبادل الأسرى بعد حرب حزيران 1967، وهي تقطن حالياً في القدس المحتلة، وكُرِّمت رسمياً قبل 3 أعوام لبطولاتها في أمن إسرائيل.
وتتردد أنباء عن زيارة قريبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للقاهرة للقاء الرئيس المصري حسني مبارك، إذ ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أن اللقاء سيعقد في شرم الشيخ يوم الخميس المقبل.
وفي إطار المحاولات الإسرائيلية للملمة قضيّة التجسس، تحدّثت معلومات عن زيارة مستشار الأمن القومي الإسرائيلي عوزي أراد للقاهرة للقاء مسؤولين مصريين، وفي مقدمتهم مدير الاستخبارات عمر سليمان.
وذكر مسؤول مصري أن المحادثات ستتناول الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لمصر، وأنّ «أراد سيُبلّغ باستياء مصر من عدم التزام إسرائيل باستحقاقات عملية السلام، وعلى رأسها تجميد الاستيطان».
إلا أن مصادر أخرى تحدّثت عن أن كثافة الزيارات الإسرائيلية تهدف إلى محاولة احتواء تداعيات فضيحة التجسس وعدم انعكاسها على العلاقات الثنائية.
من ناحية أخرى، انتهت أمس أزمة شقيق الباحثة السورية في مجال الطاقة الذرية، مهى الحمصي، الذي اختفى في القاهرة لـ48 ساعة بنحو غامض، ما دعا أسرته إلى الربط بين الغياب المفاجئ ومهمات حمصي.
الشقيق ظهر أمس بعدما تبيّن أنه كان معتقلاً لدى مباحث أمن الدولة، بعد الشك فيه أثناء التقاطه صوراً فوتوغرافية أمام حديقة الحيوانات، وهو ما أثار الشك في أنه يصوّر مقر السفارة الإسرائيلية المجاور للحديقة.