ماذا لو وُلد المسيح اليوم في فلسطين؟ هل كانت السيدة مريم العذراء ستتمكن من الهرب من الناصرة إلى بيت لحم لتلده، من دون أن يراها أحد؟ بالطبع لن تستطيع ذلك؛ فالحواجز العسكرية التي تفصل اليوم بين المدينتين كثيرة. كذلك فإن طائرات الاستطلاع الإسرائيلية التي تصول وتجول في السماء المحتلة، سترصدها، وسترسل الـ«أم كا» صوراً حيّة لتنقّلاتها على ظهر حمارها. قد يأمر أحد الضباط بقصفها، معتقداً أنها تهرّب أسلحة. بالطبع، لن تتمكن السيدة العذراء من الالتفاف على الحواجز المنتشرة بين بيت لحم والناصرة. ستقف على أحدها بانتظار السماح لها بالمرور. وخلال ساعات الانتظار التي لا مفر منها، قد تلد هناك، لتأخر دورها بسبب «العجقة».
النسوة الفلسطينيات سيساعدنها على الولادة بلا شك، فهن اعتدن هذه الحالات. فمريم، ليست الحامل الأولى التي ستلد على الحاجز. ولنقل إن الله أعمى بصيرة الجندي الواقف على الحاجز وسمح لها بالمرور. لكنها عندها ستكون وحدها. إذ لن يُسمح ليوسف بالمرور، لأنه تحت الخمسين. ومن يدري، قد يجدون له تهمة، فيصبح أسيراً ويولد يسوع الناصري من دون أن يكون يوسف بقربه. أما ملوك المجوس الثلاثة، فلن يستطيعوا التقدم بسلام متتبّعين نجمة الشمال، فقد يفاجأون بارتطام أنوفهم بالجدار وهم ينظرون إلى السماء، والدنيا ليل. لكن، لنفترض أن الله لطف بعباده، وولّدت السيدة العذراء.
وفي انتظار ظهور نبوة المسيح، هل كان سيستطيع يوحنا المعمدان أن يعمّد المسيح في نهر الأردن؟ بالطبع لا، فالمسألة ليست بهذه السهولة، لأنه إذا «زمط» من الإسرائيليين فإن الاستخبارات الأردنية «ستلطي» له نتيجة التنسيق الأمني بين الطرفين. وخذ على أسئلة: ماذا تقصد بمخلص اليهود؟ وهل أنت تقصد اليهود أم الإسرائيليين؟ وحسب الإجابة، إما أن يُتهم بمعاداة السامية أو بالتدخّل في الشؤون الداخلية لإسرائيل.
أما إذا أعلن يسوع الناصري حربه على الفساد وتجار الهيكل، فإن أول من «سيضبه» هو محمود عباس، ومحمد دحلان ونبيل شعث وسائر «رجالات» السلطة. عندها قد يقبع في سجونها ويشارك في الاعتصام المفتوح عن الطعام الذي يقوم به بعض السجناء السياسيين هناك.
أما إذا نفذ من هؤلاء وأراد دخول القدس لطرد التجار من الهيكل، فالأمر غير مضمون، إذ إنه أولاً تحت الخمسين، وثانياً إن القدس عزلتها إسرائيل عن العالم.
أما الأهم، فهو أنه بعد أن يرى السيد المسيح ما يحصل في فلسطين، فإني أتشكك كثيراً في أنه سيقول لتابعيه من أبناء شعبه: «من يضربك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر».