القاهرة ــ الأخبار «تجسُّس على الوزراء المصريين». إنها مهمة شبكة تعمل لحساب جهاز الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) في القاهرة، ألقي القبض على أفرادها أخيراً، وتجري أجهزة الأمن المصرية التحقيق حالياً معهم. الخبر أُعلن عبر فضائية «الجزيرة» القطرية، مدعَّماً بتصريح لمصدر «مطّلع» لم تحدّد هويته أو الجهة التي يعمل معها، جزم بأن «نيابة أمن الدولة العليا» هي المختصة بالتحقيق.
مصادر قضائية مصرية نفت علمها بأمر التحقيقات، مرجِّحة أن يكون التحقيق جارٍ بمعرفة «جهات سيادية»، وهو التعبير المستخدَم للإشارة إلى جهاز الاستخبارات. التفاصيل المنشورة في «الجزيرة»، وعلى موقع «قضايا مركزية» الإسرائيلي على الإنترنت تفيد بأن شبكة التجسس على الوزارات تدور حول مجموعة من العاملين (لم يحدّد عددهم) في شركة اتصالات أرضية، أوضح الموقع الإسرائيلي أنها تملك 45 في المئة من شركة «فودافون»، إحدى شركات الهاتف المحمول في مصر.
وبحسب التفاصيل، تكمن مهمة الشبكة في التجسُّس على مكالمات دوليّة للوزارات وكبار المسؤولين الحكوميين في «أماكن حساسة» داخل الدولة. عناصر الشبكة تدربوا في تل أبيب على أيدي إيفير الحريري وأبراهام جدعون، واشتروا أجهزة تنصُّت بـ 42 ألف دولار لوضعها في قطاع غزة بمساعدة فلسطينيين. وأضافت «الجزيرة» إنّ المتهمين استعانوا بجهاز «سويتش» في أميركا وأجهزة استقبال في دولة الاحتلال.
توقيت الإعلان هو الأهم في مثل هذا النوع من القضايا، إذ من المعروف أنّ الأجهزة المصرية تحتفظ بملفات تعلن عنها وفق أجندتها، وعلى إيقاع معاركها غير المعلنة مع «الموساد». وتزامن الإعلان عن شبكة التجسس على الوزراء مع حملات إعلامية ونفسية يشنّها «الموساد» منذ فترة، بدأت مع إعلان الرئيس السابق لهذا الجهاز، مئير داغان، اختراق أجهزته لدول صديقة في مقدمها مصر، ثم إصدار كتاب يؤكد أن أشرف مروان لم يكن عميلاً مزدوجاً، بل عميلاً لتل أبيب وحدها، بحسب الكتاب الذي صدر بتوقيع أوري بار يوسف، البروفسور في جامعة حيفا، وعنوانه: «الملاك أشرف مروان: الموساد ومفاجأة حرب الغفران».
وينحاز الكتاب إلى رواية لا تفضلها الأجهزة المصرية عن أشرف مروان، صهر الرئيس جمال عبد الناصر، وكاتم أسرار الرئيس أنور السادات، وهو الذي لقي مصرعه بطريقة غامضة في العاصمة البريطانية لندن. رواية تنفي قصة إسرائيلية أخرى لرئيس الاستخبارات العسكرية، إيلي زاعيرا، عن عمالة مروان المزدوجة للقاهرة ولتل أبيب.
يتحدث الكتاب عن معلومات هامة أمدّ بها مروان «الموساد» خلال حرب تشرين الأول 1973. ومن بين تلك المعلومات، خطّة الحرب المصرية ضدّ الدولة العبرية، وتنظيم القوات العسكرية ومحادثات السادات مع قادة الاتحاد السوفياتي.
جميعها تسريبات تندرج في ما يمكن وصفه مصرياً بـ«الحملات» التي تكشف عن غياب التوافق الكامل بين القاهرة وتل أبيب، وهي موجات متكررة تُصنَّف في سياقها جميع الكشوفات الاستخبارية، كعلامات على انتصار في معركة صامتة.
ويمكن أيضاً اعتبار أن الإعلان عن شبكة التجسس على الوزراء، كإشارة إلى يقظة أجهزة الدولة الحسّاسة، ردّاً على ما تراه المعارضة المصرية من «ترهُّل» و«فشل» و«فساد» نظام حسني مبارك، وخصوصاً بعد الانتخابات الأخيرة لمجلس الشعب، وهي «الأسوأ» في التاريخ البرلماني لمصر. وجاءت ردود الفعل العبرية على خبر الشبكة الجديدة عبر موقع «والا»، الذي رأى أن الكشف عن عناصر التجسس على اتصالات مسؤولين مصريين يلي الكشف عن شبكة الاتصالات الإسرائيلية في لبنان، وهو ما يُدخل إسرائيل في «إشكالية معقّدة». لكنها هذه المرة مشكلة مع دولة صديقة مثل مصر.