الحكومة تتفرّج
على رغم تحديد الحكومة سعر أنبوبة الغاز بشكل رسمي، فإن بعض محطّات التعبئة اختارت أن تلتزم بالتسعيرة السابقة (63 شيكلاً) للأنبوبة؛ وذلك تخفيفاً عن سكّان القطاع، في ظلّ الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها، على حسب قولها، لكن حتى هكذا مبادرات، لاقت الوأْد سريعاً، كما حدث لـ«محطّة الأقصى للمحروقات» في المنطقة الوسطى، والتي كانت أوّل مَن بادر في تثبيت سعر أسطوانة الغاز على السعر المعتاد. وفيما قدّمت الحكومة على لسان المتحدّث باسمها، سلامة معروف، الشكر والثناء للمحطّة، اضطرّت الأخيرة، في نهاية المطاف، إلى الالتزام بالتسعيرة الرسمية (70 شيكلاً) عقب هجوم قالت إنها تعرّضت له من أصحاب محطّات التعبئة ومن رئيس «الهيئة العامة للبترول» في القطاع، والذين رأوا أن البيع بسعرٍ كهذا، يضرّ بمصالحهم. وكان رئيس «جمعية البترول والغاز» أوضح، في تصريح صحافي، أن «هامش الربح لدى محطّات تعبئة الغاز هو 9 شيكلات، منها 4 شيكلات لتغطية النفقات التشغيلية و5 شيكلات كربح صافٍ»، مضيفاً أن «تكلفة الأنبوبة الواحدة بالنسبة إلى شركات الغاز هي 64 وربع، وفوق هذا السعر لهم حرّية البيع بـ64 أو 65 أو 67».
وفي كواليس حكاية الغاز التي ينشغل بها الشارع الغزّي منذ أيام، أفادت مصادر مطّلعة، «الأخبار»، بأن الارتفاع الكبير في أسعار المحروقات، وخصوصاً غاز الطهي، تسبّب به رفع سعر طنّ الغاز الذي يدخل القطاع من مصر؛ إذ إن الفارق في السعر الذي كان يغري تجّار القطاع لاستيراد الغاز المصري، انتهى، بعد أن زاد سعر الأخير عن نظيره الإسرائيلي الذي يَدخل القطاع عبر معبر كرم أبو سالم، بسبب ارتفاع سعر الغاز دولياً أولاً، ثمّ فرْض المصريين جملة من رسوم التعلية، كالتأمين والنقل، لا يفرض الجانب الإسرائيلي مثلها. ووفقاً للمصادر ذاتها، فقد «دفع الارتفاع الأخير في أسعار الغاز، الحكومة إلى الجلوس في مقعد المتفرّج؛ إذ إنه لا طاقة لديها على دعم هذا القطاع، وقد اضطرّت في الشهر الأخير للاستدانة من البنوك المحلية لتغطية فاتورة الرواتب، ولذا فقد اختارت أن ترفع يدها عن هذا الملف، وتحتفظ بحصّتها من سعر الأنبوبة لتستطيع تغطية نفقاتها».
يعتقد الخبراء الاقتصاديون أن موجة الغلاء الحالية لن تكون الأخيرة
بدوره، ينبّه الخبير الاقتصادي، محمد أبو جياب، إلى أن موجة الغلاء الحالية لن تكون الأخيرة، متوقّعاً أن يصل سعر أنبوبة الغاز خلال الأشهر المقبلة إلى حدود الـ80 شيكلاً. ويَلفت أبو جياب، في حديثه إلى «الأخبار»، إلى أن «المشكلة لا ترتبط بمنتَج واحد، إنّما سيطاول الغلاء كافة أسعار المحروقات، وهو ما بدأت باكورته في هذا الشهر، وسيمتدّ الغلاء ليطال كلّ المنتوجات المحلّية التي تَدخل المحروقات في عملية إنتاجها مثل الخبز والخضروات والفواكه ومشتقّات الألبان...». ويعتقد أن «الأزمة الحالية، وما سيتبعها من تراكمات، أكبر من أن تستطيع أيّ من الحكومتَين، في غزة أو رام الله، التخفيف منها عبر الدعم الحكومي، ولذا، ستعصف آثارها بالمواطنين، لا سيما الطبقات المتوسّطة والفقيرة، التي تُجاوز نسبتها الـ80% من سكّان القطاع».
وفي السياق نفسه، أثار قرار «الهيئة العامة للبترول» في وزارة المالية زيادة أسعار البنزين والسولار والغاز لشهر حزيران 2022، استياءً وخيبة أمل بين سائقي سيارات الأجرة في غزة، لا سيما مع بقاء تسعيرة المواصلات الداخلية كما هي، من دون أن يطرأ أيّ تغيير عليها. وكانت الهيئة أقرّت، في مطلع شهر حزيران 2022، زيادة على سعر السولار الذي وصل إلى 6.1 شيكل، وسعر البنزين الذي بلغ 6.79، ما دفع بأمين سرّ «نقابة سائقي الأجرة»، إياد مغافل، إلى الإعلان أن النقابة تدرس حالياً رفع تسعيرة المواصلات على المواطنين. وأشار مغافل، في تصريحات صحافية، إلى أن «كثيراً من السائقين اشتروا سياراتهم بنظام الأقساط التي يلتزمون بسدادها بشكل شهري، وفيما ترتفع أسعار المحروقات، وتبقى الضريبة والرسوم الحكومية على حالها، لا يوجد مفرّ من إعادة النظر في أسعار المواصلات التي سيتحمّل المواطنون عبئها». يُذكَر أن عدد سائقي الأجرة في غزة يتجاوز الـ20 ألف سائق، بينما تُشكّل السيارات، بالإضافة إلى الباصات العمومية، الوسيلة الوحيدة للتنقّل عبر محافظات القطاع، ويبدأ سعر «التوصيلة» الواحدة من شيكل واحد (0.3$)، وحتى 6 شيكلات (1.9$).