منذ بطولة أوروبا 2008 بدا واضحاً أن كرة القدم تغيّرت وأصبحت جماعية
من جهة البرتغال غاب كريستيانو رونالدو، لم يصنع ولم يسجّل في مباراة الأورغواي الحاسمة في دور الـ16، على رغم الاستحواذ على الكرة بنسبة 67 في المئة. دفاع الأورغواي صنع الفارق، حيث أشرك المدرب المخضرم أوسكار تاباريز خوسيه ماريا خيمينيز ليلعب في عمق الدفاع إلى جانب دييغو غودين. فعاليّة الأوروغواي على المستوى الدفاعي والانضباط التكتيكي في وسط الملعب، ساعد إيديسون كافاني على الانطلاق بالمرتدات وسجّل هدفين. وكان لافتا عودة لويس سواريز إلى منتصف ملعبه لمساعدة الدفاع أو الخروج بالكرة. منظومة أيضاً تلعب ضد منتخب يحاول الاعتماد على كريستيانو رونالدو. تغيّرت كرة القدم كثيراً، المنظومة المتكاملة أكثر فعاليّة من اللاعب النجم. مبابيه وغريزمان ومعهم بوغبا وكانتيه هزموا ميسي، وكذلك سواريز وكافاني وغودين وخوسيه خيمينيز حدّوا من قوّة رونالدو وفعاليّته. وحتى في المنتخب البرازيلي، فعاليّة فيليبي كوتينيو ودوغلاس كوستا، إضافة إلى روبيرتو فيرمينيو ومارسيلو هي التي تصنع الفارق، وليست حركات نيمار الذي يبقى عالقاً مع كرته على الجهة اليسرى، عاجزاً عن صنع الفارق وحده.
بدوره، فشل رونالدو في التسجيل بالأدوار الإقصائية من كأس العالم في 6 مباريات (514 دقيقة و25 تسديدة)، كذلك ليونيل ميسي فشل في التسجيل خلال 8 مباريات من الأدوار الإقصائية من كأس العالم (756 دقيقة و23 تسديدة). وبنظرة إلى بقية المنتخبات، يبدو واضحاً أن السويد أحرجت المنتخب الألماني بالمنظومة، ووصلت إلى الدور الثاني بأسلوب منظّم دفاعي، وقوّة في وسط الملعب. كذلك فعلت سويسرا التي نجح مدربها فلاديمير بيتكوفيتش بإخراج قدرات كل لاعب على حدى، ولم يعتمد فقط على جيردان شاكيري أو تشاكا. الدنمارك بدورها اعتمدت على المنظومة. خفت نجم اللاعب الواحد، وصعد نجم المجموعة. كرة القدم الأوروبيّة، بعد ثورة ألمانيا «الكرويّة» عقب خسارتها في نهائي عام 2002 أمام البرازيل، وبعدها إسبانيا والآن كرواتيا وفرنسا بدّلت المفاهيم أقلّه في الفترة الحاليّة، المهم النتيجة والثلاث نقاط، لا المتعة والمراوغات واللقطات الفنّية الجميلة. كرة القدم الجماعية تصنع المتعة في بعض اللقطات، ولكن تبقى المتعة الحقيقيّة في اللمحات الفنيّة التي يقدمها الأفراد.
يعتقد البعض أن الأسلوب الحديث الذي يعتمد على المنظومة يقتل ما تبقى من متعة في كرة القدم، لمصلحة الكتيبة وإقفال الملعب. هناك وجهة نظر تقول إن المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو، هو من المدرّبين الذين يساهمون بـ«قتل» المتعة في كرة القدم، ولكن هي مرحلة بدأتها المدارس الكرويّة في أوروبا، وتأثّر بها اللاعبين المحترفين في القارّة العجوز، كرة قدم فعالة على رغم أنها أقل جمالية، بانتظار فلسفة أخرى ربما في السنوات الآتية.