بدا جنبلاط مُقِرّاً مسبقاً بأنه سيخرج من المعركة «خاسراً» حتى وإن حافظ على كل مقاعده النيابية
نبش «البيك» في كلمته القصيرة كل التاريخ النضالي، من ثورة 1958 إلى إسقاط اتفاق 17 أيار، ودقّ نفير «اغتيال جديد» عبر صناديق الاقتراع، وهو في كل ذلك يخترع حرباً وجودية لم يشنّها عليه أحد. استنفر العمائم البيض في معركة دونكيشوتية يحارب فيها مروان حمادة طواحين حزب الله القادم لـ«ابتلاع» الشوف. فيما لم يستطع أن يهضم بعد «خيانة» سعد الحريري و«التعليمة» المستقبلية السارية اليوم في قرى الإقليم، الذي لطالما كان حديقة خلفية للمختارة، بأنّ كل صوت يصبّ لمصلحة القوات وجنبلاط هو صوت ضد سعد الحريري. تماماً كما لا يمكنه أن يهضم اضطراره إلى التحالف مع «الجنس العاطل» والخضوع لشروطه في تشكيل اللوائح.
ضعيفاً جداً ومتعباً وشديد التوتر كان «البيك»، كما بدا حائراً ومحيّراً: هل نقل القيادة إلى تيمور أم لم يفعل؟ وهل سيكون الأخير على قدر المسؤولية في المرحلة التي ستفرزها الانتخابات وتطورات المنطقة والعالم بعدها؟وهل يُترك للوريث تحديد الخيار الدرزي أم أن المورّث ماضٍ، عبر دعوة وليد البخاري إلى المهرجان، في فرض خيار وضع الدروز في غير موقعهم التقليدي من الصراع؟ أسئلة كثيرة لم يجب عنها الزعيم الاشتراكي الذي بدا مُقِرّاً مسبقاً بأنه سيخرج من المعركة «خاسراً»، حتى وإن حافظ على كل مقاعده النيابية. إذ يدرك جيداً أن شيئاً ما في البنية الاجتماعية للدروز يتغيّر، وأن من «حسنات» الانهيار الاقتصادي والهجرة القسرية التحرّر من أسر الولاء المطلق. ليس تفصيلاً أن يكون «البيك» مضطراً إلى إعطاء جردة حساب بما قدّمه وعائلته، ولا أن يلجأ إلى فيء عمائم لم يعرف عنه ودّاً لها، ولا أن تكون رئيسة لجنة مهرجانات بيت الدين مضطرة إلى اعتمار منديل الشيخات الموحّدات.