يختصر مسار قانون القيود على السحوبات المصرفية، الذي انطلق مع حكومة حسّان دياب في ربيع عام 2020، طريقة تعامل المسؤولين مع الأزمة المالية - الاقتصادية - النقدية. كلّ الإجراءات التي اتُخذت كانت مقصودة لعدم المسّ بجوهر العلّة، بالتالي عدم تعريض مصالح أبناء النظام للخطر. لكن ممثلي «الصندوق» لديهم رأيٌ آخر. فهم يتحدثون عن ضرورة إقرار «الكابيتال كونترول» كأحد شروط عقد الاتفاق معه، وباعتباره لا ينفصل عن مرحلة إعادة هيكلة القطاع المصرفي وعودة التحاويل المالية المصرفية، وكأساس لمعالجة عجز ميزان المدفوعات (بيان تُسجّل فيه كلّ التبادلات المالية لبلدٍ ما مع بقية دول العالم. العجز فيه يعني أنّ العملة الصعبة التي دخلت البلد أقل من الكميات التي خرجت منه).
لم يعد النقاش حول الكابيتال كونترول مرتبطاً بما تريده المصارف أو بحاجات المجتمع والاقتصاد
حالياً، لم يعد النقاش حول قانون القيود المصرفية يجري لا بناءً على ما تُريد المصارف، ولا بناءً على الحاجة المجتمعية والاقتصادية له، بل تُعقد اجتماعات النواب لتفصيله على قياس صندوق النقد، كسباً لدولاراته المفترضة. فمن غير الواضح، بالنسبة لصندوق النقد، إذا كان مشروع القانون المُقدّم سيزيد أم يُقلّص القيود على تحويلات الحساب الجاري (يضم الحساب التجاري الذي يُسجّل عمليات الاستيراد والتصدير، وعوائد عناصر الإنتاج) وحساب رأس المال، أو إذا كان سيزيد الضغوط على الليرة ويؤدي إلى انهيارها أكثر. ما لا يقوله ممثلو «الصندوق» إنّ الناس ستلجأ إلى استبدال ليراتها بالدولار من السوق الموازية، ما سيرفع سعر الدولار. وفي هذا الإطار، يتوقّف «الصندوق» عند عمليات السحب والتحويل من العملة الأجنبية إلى المحلية، ومدفوعات القروض والرهن العقاري التي ستتم على أساس سعر الصرف في السوق، بحدّ أقصى «الأرجح أن تضعه المصارف التجارية. المحاولات الأخيرة لتقييد المعاملات في السوق الموازية، وتوجيه سعر الصرف، وفرض عقوبات على الصرافين غير الشرعيين، أتت بنتائج عكسية». انطلاقاً من هنا، «ترك هذه المسألة بيد المصارف، سيؤدي إلى سلطة استنسابية وتمييز بين المودعين، لا سيما الصغار والمتوسطين».
يعتبر صندوق النقد أنّ تحديد سعر الصرف في المستقبل «أمر بالغ الأهمية لتقييم تأثير مشروع قانون الكابيتال كونترول. مثلاً، تحديد سعر صرف لكل معاملات التجارة الخارجية ستتطلب تدابير أخرى للتعامل مع القيود المصرفية، بما فيها ما يتعلّق بالدولارات الجديدة».