وبحسب كريدية، ستتقاضى شركة «ليباتيل» الفائزة في المناقصة، ما مجموعه 6 ملايين دولار، 1.4 مليون دولار منها مخصصة للمرحلة الأولى. لكن ما أهمية هذه الخدمة، وهل ستكون مجانية؟ يبدو أن الهيئة لم تستقر بعد على النموذج الذي ستعتمده، لكن الأكيد أن غاية المشروع تجارية، إذ يفترض أن يُسمح بفترة مجانية محدودة للمستخدم، على أن يليها دفع بدل الإنترنت بحسب كل باقة. تثق أوجيرو بأن هذه الخدمة ستكون أرخص من الخدمة المقدمة من شركتي الخلوي، أسوة بخدمة «دي أس أل» المتوافرة في المنازل، ولهذا ستستقطب زبائن إضافيين، وتُسهم في زيادة إيرادات الهيئة، وبالتالي إيرادات وزارة الاتصالات. ذلك أمر لا يستوي مع فكرة أن شركتي الخلوي، كما أوجيرو، تعود ملكيتهما للدولة، وبالتالي إن ما ستربحه الوزارة من الخدمة يمكن أن تخسره في عائدات الخلوي. وعليه، لماذا تقدم أوجيرو الخدمة، لا شركتا الخلوي (تتحفظ مصادرهما عن إنجاز أوجيرو للمشروع) أو إحدى شركات مقدمي الخدمات؟ السبب، بحسب أوجيرو، أنها تملك القدرة على تقديم الأسعار الأفضل انطلاقاً من ملكيتها للخطوط الدولية للإنترنت.
تجدر الإشارة إلى أن خدمة الإنترنت المجاني كانت قد قدمت في عهد الوزير نقولا صحناوي، بتمويل من جمعية المصارف، إلا أن هذه الخدمة لم تلبث أن توقفت، قبل أن تعيد الوزارة إطلاقها من أموالها، ومن دون السعي للحصول على ممول، وفي الوقت الذي تتراجع فيه إيراداتها باطّراد. فلماذا لا تتكفل الجهات المعنية أو المهتمة، كبلدية بيروت أو إدارة المطار، بتمويل هذه الخدمة؟ تشير مصادر معنية إلى أن الوزارة تتعامل مع الأمر تجارياً، وهي تتوقع أن تدرّ عليها هذه الخدمة عائدات مالية، من خلال تقديم باقات متعددة للمستخدمين بأسعار تنافسية. وتعتبر أن المبلغ المُستثمَر ليس كبيراً، وبالتالي يمكن استرداده في فترة بسيطة نسبياً. لكن هل نفذت دراسة جدوى للمشروع توضح العدد المتوقع للمهتمين بالخدمة أو الإيرادات المتوقعة منها أو حتى دراسة تبيّن مخاطرها الأمنية، ومدى القدرة على حماية المعلومات التي يجري تبادلها عبر تلك الشبكة العامة؟ تجزم مصادر مطلعة بأن لا دراسة جدوى أنجزت، بل يعتمد المشروع على ثقة القيّمين عليه بنجاحه!
المرحلة الأولى من الإنترنت العام ستشمل المطار والكورنيش البحري و5 حدائق
ثمة إشكالية أساسية لم يتطرق لها القيّمون على المشروع، فالشركة الفائزة بالمناقصة ستعتمد على معدات شركة روكوس (Ruckus)، التي تملّكتها شركة أريس (Arris) في عام 2017، علماً بأن الأخيرة تملك مركزاً للأبحاث والتطوير في إسرائيل. يقول كريدية إن معظم الشركات العاملة في قطاع الاتصالات لديها مراكز في إسرائيل، معدداً بعض الأمثلة على ذلك. ويضيف: مع ذلك، فأنا دائماً أخاطب وزارة الاقتصاد - مكتب مقاطعة إسرائيل للتأكد من إمكانية التعاقد مع أي شركة، وهو ما فعلته في هذه الحالة، فأُبلغت «أوجيرو» أن الشركة المذكورة، أي «روكوس»، ليست على لائحة المقاطعة. وقد تأكدت «الأخبار» من ذلك بالفعل، حيث أفادت مصادر وزارة الاقتصاد بأن لا مشكلة في التعاقد مع «روكوس»، لأنها ليست على لائحة المقاطعة! لكن إذا كانت لوائح المقاطعة غير محدّثة، وهو أمر صار بديهياً، فإن شبكة الإنترنت فيها من المعلومات ما يكفي ويزيد. وهذه المعلومات تشير إلى أن فرع إسرائيل من المراكز الرئيسية للشركة.
حتى لو كانت معايير المقاطعة لا تنطبق على شركات من هذا النوع، ألا يفترض على الأقل، لكون الصفقة تتعلق بقطاع الاتصالات، التدقيق فيما إذا كانت تشكّل خطراً أمنياً أو لا؟ فمن يتحمّل مسؤولية إدخال شركة مملوكة من شركة تملك مركز أبحاث في إسرائيل، إلى قطاع الاتصالات، القطاع الأكثر استهدافاً من العدو الإسرائيلي؟ للمفارقة، تؤكد مصادر متابعة أن في إدارة الشركة نفسها، من كان واثقاً أن امتلاكها من قبل شركة «أريس» سيحرمها أعمالها في المنطقة العربية، قبل أن يتبين أن لبنان كان أول من تعاقد معها.