مقالات مرتبطة
-
التعذيب في لبنان: الفيل في الغرفة عمر نشابة
القوى الأمنية قدّمت في المقابل رواية أشارت الى أن الضيقة لم يكن موقوفاً لمصلحة فرع المعلومات أصلا، بل «كان نزيلاً في سجن عاليه بناء على إشارة القضاء لكون التحقيق معه انتهى منذ سبعة أشهر». ونفت مصادر قوى رواية التعذيب لأن «من المستحيل أن تستلم النيابة العامة أي شخص تعرّض للضرب لتأخذه على عاتقها من دون تدوين ذلك وعرضه على طبيب شرعي». وأوضحت أنّ الضيقة كان بين «مجموعة موقوفين شكّلوا شبكة لتهريب المخدرات إلى الخارج، علماً أنّ دوره اقتصر على كونه مخلّصاً جمركياً. وقد أوقف في الثالث من تشرين الثاني الماضي وخُتم التحقيق معه في ٥ تشرين الثاني، ثم حُوِّل إلى القضاء. وبقي لدى فرع المعلومات على سبيل الأمانة حتى التاسع من تشرين الثاني عندما سُلِّم إلى النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان. ومنذ ذلك الحين لم يره أحد من محققي الفرع. وهو بقي منذذاك وحتى شباط الماضي في نظارة قصر بعبدا، ونُقل بعدها إلى سجن رومية المركزي لفترة قصيرة قبل نقله إلى سجن عاليه. وفي الثاني من نيسان الماضي نُقل إلى مستشفى الحياة لمعاناته من آلام في ظهره».
وضعت النيابة العامة التمييزية يدها على الملف للتحقيق في سبب الوفاة
بحسب الرواية الأمنية، «استحصل والد الموقوف في 23 تشرين الثاني الماضي، بعد ختم التحقيق معه بـ 12يوماً، على موافقة من النيابة العامة لتكليف الطبيب الرديف ن.م. الذي كتب تقريراً يُفيد فيه بتعرض الموقوف لكدمات نتيجة التعذيب، علماً أنه كان قد مثل أمام قاضي التحقيق في 16 تشرين الثاني، أي قبل صدور التقرير بأسبوع، ولم يُبلغ القاضي بتعرّضه للضرب». وأشارت المعلومات الى أن «مساراً جديداً فُتح في القضية بعد التحقيق مع الطبيب الشرعي ن.م. في 14 آذار. إذ عُثر في هاتفه على مكالمات هاتفية مسجّلة بينه وبين والد الموقوف يطلب فيها الأخير منه أن يُحرر له تقريراً طبياً لصالح ابنه و«اللي بدك اياه بأمرك». وبعد سؤال الطبيب الموقوف عن المكالمة قال إنه كتب التقرير لأنّه تأثر بالقضية ولكون والد الموقوف صديقه». الرواية الأمنية أشارت الى أن المحامي الضيقة، «بعد فضح التسجيل وطلب القاضية عون إذناً لملاحقته ورفع الحصانة عنه، قصد كاتب العدل نزار بو نصّار وعمل إسقاط عن شكويين كان تقدم بهما ضد فرع المعلومات». وأكّدت رواية قوى الأمن أنّه «طيلة فترة التوقيف، كان الضيقة يخضع لمعاينة طبية بشكل دائم وتوصف له الأدوية. وكلّف والده طبيبة نفسية كتبت تقريراً تقول فيه إنّ الموقوف مصاب بفوبيا تسبب له توترا عاليا وسرعة في دقات القلب وارتفاعا في الضغط وضيقا في التنفس وهلعا وبكاء. وذكرت أنّه سبق أن أُدخل إلى مستشفى الجامعة الأميركية للعلاج قبل توقيفه. وقد تقدّم الوالد بهذا التقرير طالباً إخلاء سبيل ابنه».
المصادر الأمنية أشارت الى أنه في السابع من آذار، بعد أربعة أشهر على التوقيف، «تقدم والد الموقوف أمام قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور بطلب تعيين طبيب شرعي للكشف على ابنه. وقد وافق القاضي وكُلّف الطبيب الشرعي وحيد صليبا الذي جاء في تقريره أنّ الضيقة يعاني من ألم في أسفر ظهره ولديه توتّر شديد يتسبب بتسارع في دقّات القلب. وطلب إخضاعه لصورة رنين مغناطيسي فتبين أنّ هناك تكلّساً في الفقرتين الرابعة والخامسة في العمود الفقري». وأكدت انه «بخلاف ما يقوله الوالد، فإنّ الأخير لم يطلب يوماً نقل ابنه إلى مستشفى آخر لعلاجه على نفقته، إنما كان يتقدّم فقط بطلبات إخلاء سبيل. كما أن الضيقة طوال فترة وجوده في مستشفى الحياة، كان يخضع لكشف أطباء القلب والأعصاب والعظم».
الطبيب الشرعي أحمد المقداد كشف على الجثة بتكليف من مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية لتحديد سبب الوفاة، وخلص إلى أن «لا آثار للعنف على الجثة سوى جرح حديث على الذراع الأيمن بطول ٣ سنتيمترات ناتج عن الارتطام بجسم صلب». وذكر أنّه «بعد الإطّلاع على الملف الطبي وتقرير الأطبّاء المعالجين تبيّن أنّ الضيقة كان يشكو من ديسك بين الفقرات كان يسبّب له بعض العوارض». وخلص الى أنّه «لا يمكن تحديد سبب الوفاة لأن لا دلالات أو علامات خارجية تدلّ عليه، والتشريح هو ما يحدد ذلك. لكنّ الأهل رفضوا التشريح. وقد تم أخذ عيّنة من الجثّة في انتظار الفحوصات».