على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

ليس مبالغة القول إنّ الحركة الصهيونيّة تشكّل أكبر عدوّ لحرية التعبير في الغرب. الصهيونية المنظّمة في مأزق لأنها تخسر التأييد الذي لاقته بعد الحرب العالمية الثانية عندما استعملت المحرقة وسيّستها من أجل دعم إسرائيل وعدوانها واحتلالها. ربط الجمهور في الغرب بين فظائع النازيّة وبين ضرورة دعم الكيان اليهودي المستقل. هم لا يعلمون عن خلفيّة ولادة الكيان، إلا أنّ إسرائيل حاربت من أجل استقلالها ضد بريطانيا ثم قامت دول عربيّة بمحاربتها لمحوها عن الخريطة. التأييد للصهيونية يتناقص، واللوبيات الإسرائيليّة ترى أنّ ربط معاداة الصهيونية وإسرائيل بمعاداة اليهودية أجدى وسيلة لتجريم نقد الصهيونية وإسرائيل. بدأوا بتجريم الكلام المعادي لليهودية (لكن ليس للإسلام أو المسيحية) وإنكار المحرقة (كما في فرنسا وكندا) ثم انطلقوا كي يجرّموا الكلام المعادي لإسرائيل والصهيونية بالكامل. الجيل الجديد ليس الجيل الذي عاصر مشاهد المقابر الجماعية في معسكرات الاعتقال النازي. ما يجري في أميركا هو تعبير عن ضيق اللوبي الصهيوني من تنامي الخطاب الجذري: الشباب هنا لا ينتقدون الاستيطان أو شخص نتنياهو. الشباب أو الشابات الفلسطينيّات اللواتي يقدن العمل الفلسطيني هناك، يؤمنون بتحرير كل فلسطين ولن يقبلوا بأقل من الحلّ الذي أنهى نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. إن هذا الخطاب الجذري (المتطرّف حتى بالمفهوم العربي) يقلق اللوبي لأنّ جيلاً شبابياً غير عربي بات يتربّى على شعار «من النهر إلى البحر». من هنا الحاجة إلى وصم الشعارات الفلسطينيّة البديهية بمعاداة السامية. فعلوا الأمر عينه بالنسبة إلى ميثاق منظمة التحرير مع أنّ لا أثر لمعاداة السامية في الميثاق (بعكس ميثاق «حماس» الأوّل). أمس طلع البيت الأبيض ببيان رسمي ممهور باسم الرئيس الأميركي نفسه وفيه وصف كلمة «انتفاضة» بمعاداة السامية. لم يعد هناك أي تعبير عن الحقوق الفلسطينيّة لا يصيب الصهاينة بالضيق والحنق. لكن اللوبي أمام معضلة: إلى أيّ حدّ يذهبون في معاداة حريّة التعبير؟ الصهاينة في ألمانيا حوّلوا الجمهوريّة إلى دولة تسلّطيّة لا تختلف عن الدول التسلّطيّة في بلادنا. باتوا يريدون إعلان مواطني الغرب… لإسرائيل.

0 تعليق

التعليقات