كما في كلّ أزمة على مستوى العالم، ثمّة رابحون وخاسرون. في الأزمة الأوكرانية، تبدو كلّ من إسرائيل وتركيا وأوروبا في طليعة الخاسرين. بالنسبة إلى الأولى، يزداد الموقف حراجةً وتعقيداً كلّما اتّخذت الأوضاع مساراً تصاعدياً؛ إذ سيكون عليها في نهاية المطاف مغادرة مربّع الحياد والاصطفاف الكامل إلى جانب الولايات المتحدة، وهو ما سيترك تداعيات بالغة السلبية على مصالحها مع روسيا، فضلاً عن مخاوف أخرى متّصلة بالفائدة المحتملة لإيران وحلفائها من التوتّر الحالي. أمّا تركيا التي سعت بجهدها كي لا تشتعل نيران في جوارها ستمتدّ إليها حتماً، فلا تبدو في وضع أفضل؛ ذلك أن استمرارها في دعم أوكرانيا سينعكس تدهوراً في علاقاتها مع الروس الذين تجمعهم بها ساحات عمل مشتركة كثيرة، فيما تراجعها عن هذا الموقف سيمثّل فرصة مثالية بالنسبة إلى واشنطن، التي تتحيّن فرصة كهذه لإحكام الخناق على رجب طيب إردوغان. وبالنسبة إلى ألمانيا وإيطاليا وفرنسا التي تعتمد بشكل متزايد على إمدادات الطاقة الروسية الرخيصة من الغاز والنفط والفحم، فإن خضوعها للرغبات الأميركية سيعني انفتاح أبواب أزمة اقتصادية، قد يبدو معها كساد 1929 العالمي مجرّد نزهة