لا تبدو موسكو راضية عن الإخراج التركي لخطوة الدوريات المنسّقة
اللافت في البيان تأكيده أن هذا التصعيد «لن يمرّ من دون ثمن»، وتوعّده بإطلاق مرحلة جديدة من «سلسلة عمليات ويشفِ صدور قوم مؤمنين». وسيفتح هذا الوعيد إن نُفّذ احتمالات انزلاق التصعيد إلى مواجهة واسعة في عدد من خطوط التماس، ولا سيما تلك التي شهدت توتراً كبيراً خلال الأسابيع القليلة الماضية. ولن يمرّ أي تحرك من «تحرير الشام» دون ردّ واسع سوري ـــ روسي، خاصة أن أكثر من مهلة مُنحت سابقاً لأنقرة لتنفيذ ما يترتب عليها من التزامات وفق «اتفاق سوتشي» ولكنها استنكفت عن ذلك.
وتشير المعلومات المتوافرة من الجانب الروسي إلى أن موسكو «لن تصبر» على هذا «التسويف» التركي. إذ نقلت مصادر حضرت الجلسة المغلقة لـ«منتدى فالداي»، الذي عقد الشهر الماضي، مقاربة موسكو تلك عبر حديث نائب وزير الدفاع الروسي ألكسندر فومين الذي قال في الجلسة إن بلاده «تعبت من الأتراك»، ولن تتردد في التحرك لـ«تصفية الجماعات الإرهابية... كما فعلت سابقاً في مناطق أخرى عبر قتل آلاف الإرهابيين». ولدى سؤاله عن إمكانية «المصالحة» مع تلك التنظيمات وقبول إدخالها في نسيج التشكيلات العسكرية السورية، قال إن «هؤلاء مجرمون لا يمكن العمل معهم».
جاء الموقف الروسي الحادّ بالتوازي مع ردّ الجيش السوري على انتهاكات التهدئة في المنطقة «المنزوعة السلاح»، ليعزز الضغط على الجانب التركي الذي حاول كسب الوقت مجدداً خلال الفترة الماضية عبر إجراءات عدة. إذ عادت أنقرة لتحريك ملف تل رفعت والمناطق التي تجاورها و«ضرورة التخلص من الإرهابيين فيها»، وهو ملف سبق أن حرّكته لعقد صفقة مع الجانب الروسي، طرفها الآخر كان جسر الشغور والمناطق المجاورة لها، المُهمة لتأمين الساحل السوري وقاعدة حميميم بوجه خاص. واستفادت تركيا أيضاً من مفاوضات «المنطقة الآمنة» مع الجانب الأميركي لتأجيل النقاش في إنفاذ «اتفاق سوتشي».
كذلك، يعكس صمت موسكو حيال إعلان الجانب التركي تسيير دوريات منسّقة مع الجانب الروسي على حدود المنطقة «المنزوعة السلاح» عدم رضى عن إخراج الخطوة التركية، ولا سيما أن أنقرة حاولت تصويرها كخرقٍ من شأنه وقف التصعيد و«منع استهداف منطقة خفض التصعيد». ويتقاطع هذا الجو المتوتر مع تأكيدات روسية قالها فومين خلال جلسة «منتدى فالداي»، وفق ما نقلت مصادر «الأخبار»، عن أن روسيا لن تقبل منح أنقرة أكثر ما يؤمنه لها «اتفاق أضنة» الموقَّع مع الجانب السوري، وهو أدنى من الطموحات التركية الحالمة بـ«منطقة آمنة» تكمّل ما احتلّته في ريف حلب الشمالي.