لا شيء يشفع لهذه السنة إبان رحيلها؛ فهي تصرّ على توديعنا جميعنا بالألم. راحل كبير آخر: محمود سعيد (الصورة) في ذمة الله إثر معاناته مع سرطان في الرئة. أحد أشهر الممثلين الفلسطينيين في لبنان والوطن العربي يرحل بكل هدوء، بعدما كان قبلة المشاهدين في سنوات «تلفزيون لبنان» الذهبية في ستينيات القرن الماضي وسبعينياته. كان «الفارس» في «فارس ونجود»، و«خالد بن الوليد» في فيلم «الرسالة»، و«عنترة» في فيلم «عنتر يغزو الصحراء». كان ذا الصوت «الرخيم الأخاذ» الذي لا يمكن لأي مستمعٍ نسيانه في كثير من المسلسلات الإذاعية والأعمال التي أضاف إليها صوته.
يرحل محمود سعيد، وهو الذي كان قد قال في مقابلة سابقة مع «الأخبار» إنه يشعر بأنّه «خُذِلَ من قبل كثيرين». اسمه الحقيقي هو سعيد اليافاوي المولود في فلسطين عام 1941.
طبقت شهرته الآفاق حين وقع «تلفزيون لبنان» معه عقد احتكار (1970) ليُطلق ثلاثة مسلسلات سنوياً، على أن يختار هو المخرج والكاتب والمشاركين فيه، على حد قوله. أطلق يومها مسلسل «التائه» عن قصة «مرتفعات ويذيرينغ» الشهيرة للكاتبة إميلي برونتي؛ ليصبح من أشهر الوجوه عربياً حينما عرض تلفزيون المغرب المسلسل في شمال أفريقيا. أضحى «غريب» (اسمه في المسلسل) الاسم الذي سيظل جمهوره في تلك البلاد يناديه به. في 1974، ظهرت سميرة توفيق لتجتاح «الجو البدوي» السائد والمشجع عربياً، فأدى معها بطولة مسلسل «فارس ونجود» (إخراج إيلي سعادة) الذي أطلقه وتوفيق كنجمين عربيين مطلقين ووحيدين في هذا النوع من الأجواء (البدوية).
ولا تكتمل نجومية أحد من دون الشاشة السابعة؛ أي السينما. في 1976 كان المخرج السوري مصطفى العقاد يبحث عن شخص لتأدية دور خالد بن الوليد، فكان محمود سعيد خير مؤدٍ له. ولم يكتفِ النجم الفلسطيني الراحل بالسينما والتلفزيون لإطفاء ظمئه للفن، فدخل أيضاً عالم المسرح وقدّم أعمالاً لا يمكن تجاهلها كـ«المهرّج» (لمحمد الماغوط) و«موسم الهجرة إلى الشمال» (للطيب صالح).
وبعد انتهاء الحرب اللبنانية (1990)، لم يعد التلفزيون الرسمي إلى الإنتاج، ما جعل أغلب نجوم تلك المرحلة ينكفئون عن العمل على الشاشة الفضية.
وكان محمود سعيد واحداً منهم، وإن حافظ الجمهور على صورته الجميلة وصوته الرخيم الذي زيّن به عدداً كبيراً من الأعمال الصوتية. ورغم مشاركته في السنوات القليلة الماضية في عدد من الأعمال التلفزيونية، إلا أنه لم يرضَ عنها مثل «غداً يومٌ آخر» (mtv) و«العنب المرّ» (المستقبل). آخر مسلسلاته كان «مالح يا بحر» للمخرجة ليليان البستاني، والكاتب مروان العبد (otv).
يرحل ركن جديد من أعمدة الزمن الجميل، قال ذات يوم إنّه يحمّل مسؤولية التقصير الفني حيال القضية الفلسطينية إلى «من ينظرون إلى الوراء لتقديم أعمال تستعيد التاريخ من دون أن تستشرف مستقبل الصراع العربي ــ الإسرائيلي».
تُقبل التعازي اليوم وغداً في «جامع الخاشقجي» (قصقص ــ بيروت).
4 تعليق
التعليقات
-
لكم مني جزيل الشكر و التقديرلكم مني جزيل الشكر و التقدير على تخصيصكم مقالا عن الراحل جدي محمود سعيد و لكن ما ورد في المقال من إن اسمه الحقيقي هو غير صحيح. أسمه الحقيقي هو محمود سعيد و ليس سعيد اليافاوي.
-
وتبقى فلسطينله الرحمة ونرجو أن يتذكره الفلسطينيون وقادة منظمة التحرير كشهيد من شهداء هذه القضية. جميعنا سنرحل، والوحيدة الباقية هي فلسطين الخالدة أبدا والتي ستتحرر مهما طال الزمن.
-
ﺍﻟﻠﻪ يرحمكY____Y ﻓﻌﻠﺎ ﻣﻦ ﺍﺟﻤﻞ ﺍﻟﺎﺻﻮﺍﺕ ﻋﺸﻨﺎ ﻣﻌﻬﺎ ﻃﻔﻮﻟﻪ رائعة
-
محمود سعيد: الفارس لا يترجلورد في المقال عن الراحل الكبير محمود سعيد خطأين لعلهما مطبعيين. ١. "ولا تكتمل نجومية أحد من دون الشاشة السابعة" لا يوجد شئ اسمه الشاشة السابعة. هنالك ما يطلق عليه اسم "الفن السابع" اي السينما. ٢. "ما جعل أغلب نجوم تلك المرحلة ينكفئون عن العمل على الشاشة الفضية." الشاشة الفضية هي ايضا السينما لا التلفزيون. وبرغم هذه الهنات فلا بد من شكر الاستاذ عبد الرحمن جاسم وصحيفة "الاخبار" لتخصيصها مقالا ولو في الصفحة الاخيرة (لا في صفحة الثقافة؟) للممثل الكبير محمود سعيد. ولا انسى ابدا موقفه النبيل عام ١٩٨٢ حين اتى الى اثينا خصيصا ليتفقد احوال الاطفال الفلسطينيين الذين وصلوا الى اليونان على متن اول سفينة تحمل من خرجوا من لبنان خلال الاجتياح الاسرائيلي وكانت سفينة الاطفال اول تلك السفن. وقد تحدث مع الجميع والتقط الاطفال الصور مع نجمهم المحبوب فارس بطل مسلسل "فارس ونجود" وهناك اطمأن الى ان كل ما يحتاجه الاطفال موجود بفضل رئيس الحكومة اليونانية اندرياس باباندريو. وهي الحكومة والدولة الوحيدة التي كسرت جدار الصمت العربي والدولي فيما شعب لبنان وفلسطين يذبح على يد اسرائيل وعملائها في لبنان. "واصرخ في اثينا، كيف تنهارين فينا؟" كان ما كتبه محمود درويش عن تلك المرحلة. شكرا للاغريق والى جنان الخلد يا محمود سعيد، يا فارس فلسطين والعرب بعد كل اعوام الملح واللجوء وحسن وفادة العرب.