تقرر الانتقام وتخوض معركة عنيفة لتكشف فساد خطيبها وأبيه للشعب. لكن بعد انتصارها عليهما، تدخل هي عالم السياسة. من خلال شخصية جيهان التي تتدرب وتتعلم القتال للتصدي لخطيبها وعصابته، ربما كان المخرج يطمح في تقليد فيلم تارنتينو الشهير «اقتل بيل»، وشخصية المرأة المقاتلة التي لا تهزم. لكن إن كان المشاهد في «اقتل بيل» يفتتن بشخصية أوما ثورمان ومهاراتها القتالية التي أراد عبرها تارنتينو أن يقدم نموذجاً نسائياً متفرداً يختلف عن صورة البطل المحارب الذكورية التقليدية، فشخصية جيهان ستصدمه بفظاظتها وعنفها المجاني. نراها تعنف أختها أو تضربها مستخدمة عبارات صادمة بتحقيرها للمرأة، فتقول لها في أحد المقاطع إنّه من الأفضل لها أن تجد رجلاً «يضبها» لأنّ صلاحيتها قاربت على الانتهاء! بقية الشخصيات في الفيلم كلها أيضاً كاريكاتورية في بنائها. والحوارات تتميّز ببديهيتها المضحكة وشرحها التفصيلي غير الضروري للأمور، أو بفظاظتها كالتي تتفوه بها جيهان، أو حتى أحياناً بأخطائها اللغوية.
السيناريو والإخراج والحوار على القدرأما بالنسبة إلى التصوير والإخراج والمونتاج، فلا يمكن التحدث عن لغة سينمائية فعلية. الكاميرا هي أحياناً عشوائية تماماً من دون خط إخراجي واضح، بينما أغلب الكادرات لا تتسم بأي جمالية خاصة أو حتى تقليدية بل أقرب إلى تصوير الهواة. لا يمكن الحكم فعلياً على أداء الممثلين، فالحوار المكتوب يصعّب على أي ممثل أداء سطوره والتمتع بأي مصداقية. الفيلم ذو ميزانية منخفضة (200 ألف دولار) لكن ذلك لا يبرر كل المشاكل الذي يعاني منها، فالمخيلة لا تحتاج نقوداً كي تعمل. ليس «هي وهالسياسة» بالضرورة من أسوأ الأفلام اللبنانية التي أُنتجت في الآونة الأخيرة، فهناك مثلاً شريط «إنسان حيوان شيء» لمخرجه عبد الله صفير وغيره. لكن كيف وصلت هذه الأفلام إلى صالاتنا؟ وكيف حصلت على التمويل أساساً ليتم إنتاجها؟ وكيف تحظى بالدعاية والترويج؟ هل فقدت كل معايير التقويم. حتى بعيداً عن النقد السينمائي، إذا ما نظرنا إلى الفيلم كسلعة تجارية بحتة، يحق لنا أن نطرح التساؤل التالي: إذا ما كان الفيلم يقدم نفسه بوصفه جديراً بالمشاهدة ودفع المال لقاء ذلك، أليس هنالك حد أدنى من الجودة يحق للمستهلك (المشاهد) المطالبة بها لدى شرائه تذكرة السينما؟
ذاته من السوء
«هي وهالسياسة»: «سينما سيتي» (1269)