قد يصنع الخطر تفاوتاً ما في جودة القصائد، ولكنه يضع الشاعرة نفسها أمام معطيات حقيقية وملموسة، ويصنع نديّة محبَّبة في الكتابة.
الخطر يكمن في استطراد الشاعرة أحياناً في التقاط تفاصيل يومية تحدث بين الأم والابنة. هناك نوع من الاستسلام لما يفرضه غرق الأم في نسيانها من وقائع وصور تستحق (أو لا تستحق) أن تُستدرج إلى الكتابة.
أغلبالاستسلام فيه نوع من التسوية التي ربما لا تصل إلى القارئ المتطلّب الذي ستعجبه بعض القصائد والمقاطع على حساب قصائد ومقاطع أخرى، ولكن في الحالتين سيصعب عليه تجاهل تلك التفاصيل الجارحة، وأنواع سوء الفهم الذي لا يمكن شرحه للأم، حيث على الشاعرة/ الابنة أن تؤرشف وحدها ما يحدث: «سترون امرأة بثيابٍ نظيفة/ لن تلمحوا الفطر بين أصابع قدميها/ وقد التهم أحلامي/ ستنفرون من رائحة فمها قليلاً/ وتكتفون بقبلة على الرأس/ وتنصحوني بإطعامها جيداً/ سأهزّ رأسي موافقة/ وأكمل قصّ أظافرها بهدوء/ كأنني لم أرَ أحداً غير ضباب ينذر ببكاء غزير/ سأكتفي بشتم آلام الظهر/ وأسند رأسي إلى ركبتيها المتورمتين/ وأرجوها أن تكفّ عن مناداتي بأسمائكم». في مقاطع أخرى تعدد الشاعرة تدابير تصلح للحياة وحيدة بعد رحيل الأم. تتخيل ضياعات أمها على شكل «لعبة غمّيضة»، ولكنّ لعبةً أكبر وأكثر إيلاماً تدور بين شخصين عالقين في النهاية. في قصيدة «ليس للخادمة أن تستريح»، نقرأ صورة شاملة وقاسية عن ذلك: «حين التقطوا صورة جماعية/ كنتُ غائبة/ أمي تحضن إخوتي الخمسة/ ربما لم أكن قد ولدتُ/ كلٌ منهم يحمل الصورة في حقيبته ويرحل/ فيما بعد/ بدأوا يحضرون صورهم الكبيرة/ يعلّقونها على جدران المنزل/ يجتمعون في الأعياد أزواجاً وأبناء/ أخرجُ من الصورة كالعادة/ لا أنتمي إلى المشهد/ أحضّر الطعام/ أغسل الصحون/ وأنتبذُ مكاناً قصيّاً/ لا أحد يسأل ماذا تريدين/ بم تحلمين/ هل للخادمة أن تحلم!؟/ كنتُ غائبة عن الصورة/ انفضّ الجميع عن أمي/ وبقيتُ معها».
نصوص الديوان
تترجم حالة
واقعية
يمكنكم متابعة حسين بن حمزة عبر تويتر | @hbinhamza