![](/sites/default/files/old/images/p12_20080523_pic3_0.jpg)
في أحيانٍ أخرى، يستخدم شاعرنا لغته الخاصة فيقعّر النص أكثر مما هو عليه بمفردات ما كانت لتستخدم في قصيدة عربية إلا وتجعل منها أحجية، مثلما يترجم غزالي في أحد المقاطع «بقوَيْهما المتكافئتين وبهيبتهما/ يتعارك الخير والشر/ في جزيرة/ كما لو كانا متصارعين مدهونين مخمورين قليلاً/ الجبين محزوم بربق جلدي».
وإن كانت قصائد الديوان تمتد من 1976 حتى 1996 مقسمة إلى ثلاث مجموعات، فقد كانت ترجمة القسم الأخير أفضل حالاً «لهذه الورود شكل/ حبي ــــ متدفقة، مستقيمة، سيقان قوة، عندما/ الساعة تحين/ للهبة،/ لا زهرة منتصبة وعارية سوى/ هذه السعفة من نار حمراء قانية/ ملأى بكثير من الشهوة الملكية ـ لهيب/ الجلالة».
لكن بعد قراءة مقدمة غزالي للترجمة، يتبين أنّ لغته الشخصية «أشدّ بلوى» من لغة الترجمة، فلا تثريب عليه إن كانت هذه حال كتابته «ها إنني أُقدِم على كتابة المقدمة تحت شمس سيدي بلعباس الدافئة، وقد تركت بوردو ملفوفة برماد السّماء تحت وطأة البرد الجليدي، خاتماً ما في هذا العمل من حميّة النّار وبرودة الصدفة من تحول الرماد وحدس الغابة من سحر المتوسط وعويل المحيط.» ويختم غزالي مقدمته المدبجة بالمحسنات البديعية واللفظية بقوله «كل التقاطعات معمورة السر، اختصار يوحي بالامتلاء... كل هذا كأنما بين الماء والرمل، بين البحر والصحراء، بين الشعر والواقع، لحظة نسميها «المسوخ».
مئات الترجمات للشعر العالمي تصدر ودور النشر لا تتوانى في تقديم أي نسخة كانت، بحجّة تعريف القارئ العربي بالشعر العالمي. لكنّ كثيرين يتناسون أنّ الترجمة هي نوع خاص من الكتابة، وأنّ إتقان لغة معيّنة لا يعني بتاتاً إجادة الترجمة.