ورغم اشتداد حملات مقاطعة إسرائيل ثقافياً وأكاديمياً، إلا أنّ «مهرجان القدس» ينجح أحياناً في استدراج بعض السينمائيين الفلسطينيين والعرب أحياناً، لا سيما من ذوي الإنتاجات الأجنبية، وخصوصاً الفرنسية (كالمخرج التونسي كريم الدريدي الذي شارك بفيلمه «خمسة»). في العام الماضي مثلاً، شارك فيلم «تحت القصف» للبناني فيليب عرقتنجي، و«كابتن أبو رائد» للأردني أمين مطالقة. أما «مفاجأة» العام غير السارة، فكان عرض «الزمن الباقي» للسينمائي الفلسطيني البارز إيليا سليمان الذي لا نعرف حقيقة موقفه من عرض شريطه في هذا المهرجان. مَن شارك فيه من المخرجين الفلسطينيين في السابق، وخصوصاً في سنوات ما بعد أوسلو، عادوا وقاطعوه مع ازدهار ثقافة المقاطعة الثقافية لإسرائيل عالمياً، هذه الثقافة التي بلغت أوجها عربياً مع عدوان تموز 2006... ألم يكن صاحب «يد إلهية» بغنى عن مشاركة مماثلة؟
ومنذ أشهر، انتشرت الأخبار في بعض الصحف والمواقع العربية، عن مهرجان فلسطيني يحمل أيضاً اسم «مهرجان القدس السينمائي الدولي». وتذكر تلك الأخبار أنّه «يبدأ فعالياته» أو «انطلق» و«صرّح مديره»... ولعل آخر تلك الأخبار ما بثته وكالة رويترز منتصف الشهر الماضي عن اختيار فلسطين ضيفة شرف «مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي» الذي سيستضيف «رشيد مشهراوي وميشيل خليفي وهيام عباس وإيليا سليمان و... عز الدين شلح رئيس مهرجان القدس السينمائي»...
كيف قبل إيليا سليمان بعرض فيلمه في مهرجان مماثل؟
هكذا يُتسلَّح بمزاعم الوطنية لإخفاء فضيحة عدم وجود مهرجان، أو حتى نواة توازي الاسم المُدّعى. ولعل هذا النوع من «التحدي» للاحتلال يذكِّر ببيت جرير: «زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً فابشر بطول سلامة يا مربع»! ماذا يريد الاحتلال أفضل من «تحد» مماثل؟ وما الذي يمكن أن «يرعب» الاحتلال في القدس، أكثر من «الاحتفالات المتحدية» التي تقيمها اللجنة المرابطة في رام الله بمناسبة «القدس عاصمة الثقافة العربية 2009»؟!