لقد تسلط «مزاجه» في الرسم على الأجيال اللاحقة في اليمن، وأصبحت السمات التي ميّزته كفنان جزءاً من ورطة الآخرين. قد يكون أحد أسباب تسلّط أسلوب «المعلم»، تلك الهالة التي تحيط به. فهو أشبه بتلك الصورة السينمائية المعتادة عن رجل حكيم ومليء بالمعرفة ومنعزل عن العالم، حيث يسعى مَن يريد التتلمذ على يديه إلى بذل الكثير من الجهد لإرضائه.
استطاع هاشم علي بناء رصيد للتشكيل في بلد لا يستسيغ مزاجه العام هذا النوع من الفنون، بل ينحو الى الاحتفاء بالصوتيات أكثر من المرئي، ويفضّل الشعر والطرب على التشكيل والكتابة السردية. لذا، كان ينبغي لهاشم علي بدايةً أن يبذل الكثير من الجهد، حيث لا ريادة سابقة في هذا الحقل في اليمن. هكذا، اعتمد على مخيلته وحساسيته التي رباها بتراكم الخبرة لا بالتحصيل الأكاديمي واستطاع أن يؤسس أكثر من منجز شخصي في التشكيل. بل
الحياة اليومية... مختبراً جمالياً هائلاً
بالتأكيد حين يخص الموت هاشم علي، يصبح الأمر تجريداً بشكل ما، أو ربما اختباراً جمالياً آخر، علينا التعايش مع اعتباره احتمالاً آخر للحياة يخــوضه. يصبح ذلك أشبه ما يكون بمقامرة أخيرة للموت، يدخله هاشم بألوانه ويعرضه لاحتمالات النجاة من لونه الواحد وسطوته القاتمة. أدرك هاشم علي الموت قبل أن يدركه هو. استعاد حضـوره في الملامح الغارقة بالتعب، واكتشفه في السفر اليومي للون. اصطاد حضوره غير المرئي على خلفية الحياة، فجعل علاقته به ملهاة مزدحمة بالتفاصيل والألوان، حتى أصبح الموت في حضرة هاشم علي عارياً وناعماً كولادة
أخرى...