رغم تغيّر النبرة الرسمية الأميركية حيال ما يجري في سوريا وتسجيل تصعيد في مواقف الخارجية الأميركية أخيراً، لا يزال الوضع السوري يربك المحلّلين. فالأصوات التي نادت منذ اليوم الاول بإزاحة نظام بشار الأسد، لا تزال على موقفها (خصوصاً بين المحافظين الجدد)، انضمّ إليها بعض من رأى في خطوات الأسد الإصلاحية ضعفاً و«تسويات غير مجدية». لكن الخشية من حرب أهلية سنية ـــــ علوية وإمكانية تدخّل إيران الى جانب سوريا لإنهائها وتصدير العنف الى دول مجاورة وتقوية المتطرفين الإسلاميين في البلد، دفعت بعض المتابعين والمسؤولين الأميركيين إلى التروّي وعدم إعلان مواقف أو دعوات مباشرة إلى إسقاط النظام الحالي. الرئيس السوري «محشور»، يصفه بعض المراقبين، هو لا يقدر أن يتراجع الآن في مسار الإصلاحات ولا يقدر أن يحسم بالقوة، فعيون العالم كلّه ترصد أيّ هفوة قد يرتكبها... ووسط «الحشرة» تلك، هناك من خرج ليقول إن الأسد يحتفظ بأوراقه للعبة كبيرة حاسمة، «خطوة، لو كان حافظ الأسد حيّاً لشجّعه على المضي بها» يقول دايفيد إغناتيوس في «واشنطن بوست».وفيما يلوم البعض الرئيس الأميركي على صمته و«تركيز اهتمامه على ليبيا» بدل سوريا، يقول بعض الدبلوماسيين إن باراك أوباما يدعم «الثورة السورية» بهدوء، كي ينال في النهاية ما يريد ويستكمل بدقّة خريطة الحلفاء الجدد في المنطقة. لكن الأكيد المعلن هو أن إدارة أوباما «لا تملك أي خطة استراتيجية واضحة بعد تجاه سوريا». دعوات وزيرة الخارجية الأميركية السلطات السورية إلى «وقف العنف والاستجابة للقضايا المشروعة التي طرحها الشعب السوري»، لاقت صدىً عند بعض الذين بدأوا يعدّون الأيام الباقية لسقوط نظام الأسد، هؤلاء سارعوا الى طرح أسئلة حول «نهاية» الرئيس السوري: هل يهرب أم يحاكم؟
كثيرون استبعدوا فكرة «الهروب»، مؤكدين أنّ أي استسلام أو تنحّ سيسبقه «حمام دم» في الداخل السوري، مشيرين الى وضع سوريا «المختلف والمعقّد»، حيث هناك تعدّد قبلي ومذهبي ديني في آن.
أما بخصوص «المحاكمة»، فيرى البعض أن هناك جهوداً دبلوماسية ودولية تبذل للتضييق على الأسد وجرّه الى محاكمة دولية بتهمة انتهاك حقوق الإنسان وإفقاده شرعيته. وقد أعلن أحد الدبلوماسيين الغربيين أمس السعي إلى عقد اجتماع طارئ لـ«مجلس حقوق الإنسان الدولي» الأسبوع المقبل بهدف طرح موضوع «قمع الحكومات للاحتجاجات الشعبية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، فيما فهم البعض التلويح الأميركي برفض عضوية سوريا لمجلس حقوق الإنسان الدولي، على أنه إشارة في هذا الاتجاه.
أصحاب النظرية التي تقول بـ«حتمية» خروج الأسد من الحكم يقولون إن الرئيس السوري مرفوض من القوى الإقليمية في المنطقة: «رئيس علوي اعتدى على مواطنيه السنّة وهدر حقوقهم، وقتل زعيماً سنّياً آخر في بلد مجاور (إشارة الى رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري) لا يمكنه أن يصمد طويلاً في محيطه السنّي»، تشرح مجلة «ويكلي ستاندارد».
لكن ماذا عن الإصلاحات؟
إصلاحات الأسد قوبلت بتشكيك كبير من أغلب المتابعين الأميركيين و«إذا» الشرطية كتبت بالحرف الكبير في مجمل قراءات خطابي الرئيس: إذا استطاع الأسد تهدئة الشارع من دون اللجوء الى القوّة، وإذا تمكّن الأسد من إقناع المعارضين بجدّية وعوده الإصلاحية... شروط اتفق الجميع على صعوبة ـــــ لا بل استحالة ـــــ تنفيذها في الجوّ الحالي السائد في البلد. «غصن الزيتون الذي مدّه الرئيس السوري لم يفلح بتهدئة المعارضة في بلاده»، «وعود تعطي شعوراً بالتغيير لكنه شعور خاطئ ومضلل»، هكذا وصف البعض محاولات الأسد الأخيرة. أما البعض الآخر فنعوا خطوات الأسد في مهدها، قائلين «هي ليست سوى تسوية، والتسوية تعني أمراً واحداً: نهاية الأسد».
لكن أين أوباما من كل ذلك، وكيف ستستفيد الولايات المتحدة من تفاقم الأوضاع في سوريا؟ أصوات كثيرة «تنادي» أوباما يومياً في الإعلام الأميركي للإعلان صراحة عن دعم المعارضة السورية أو التدخل مادياً ومباشرة لدعمهم في إسقاط نظام الأسد. كثيرون ممن لا يزالون يلومون الرئيس الأميركي على تعيين سفير في دمشق، يطالبونه مجدداً بسحبه من هناك وقطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، إضافة الى الدعوات إلى حشد الدول الاوروبية وفرض عقوبات على الرئيس السوري. بعض المتابعين لشؤون المنطقة يشرحون أن أوباما قد تخلّى فعلاً عن «حليفه» الأسد، وذلك بعدما لمس استحالة التقدم بعملية السلام ـــــ وسوريا طرف اساسي فيها ـــــ إضافة الى فشل أوباما في فك الارتباط بين سوريا وإيران، وبالتالي الابتعاد عن تحقيق هدف أميركي أساسي في المنطقة وهو إضعاف النفوذ الإيراني.
لكن «من سيخلف نظام الأسد في سوريا؟ ما البديل في تلك البقعة الاستراتيجية من المنطقة؟ هل تعرف الولايات المتحدة جيداً الى أين تذهب أموالها الداعمة لإسقاط النظام السوري؟ ماذا عن المتشددين والإخوان المسلمين هناك؟ ماذا عن حقّ سوريا في الدفاع عن نفسها بوجه التدخل الأجنبي ـــــ أي تدخلنا في شؤونها؟ والأهمّ هل يملك أوباما إجابات عن هذه الأسئلة؟».
أسئلة طرحها أيضاً محللون أميركيون في سجال يؤرّق الكثيرين حالياً. سجال يتمحور حول طمأنة إسرائيل بالدرجة الأولى: كيف نحميها من تفكك نظام مجاور وتحوّله الى عراق ثان حيث كل مجموعة دينية ستنقلب على الأخرى وتهدد أمن الدولة العبرية؟ ماذا عن سرّ النووي السوري؟
5 تعليق
التعليقات
-
الولد على سر أبيهبشار الذي روجت مخابراتُ النظام السوري ووكلاؤها العرب المزروعون في لبنان والعراق ودول الخليج لكذبة ِكونه رجلَ علم وتقدم وحقوق وسلطة قانون لم يدرك إلى الآن، برغم انتفاضة مدن سوريا وقراها بأجمعها على ظلمه وظلم نظامه، أن أساليب المشاكسة مع الجماهير وأسلحة التهديد بالقتل والتدمير والسحق لم تعد نافعة ولا قادرة على الحسم في عصر الجماهير الجديد. فهو لم يثبت أن الولد على سر أبيه، بل فاق والده في القسوة والخداع والمراوغة. ولئن خاض القذافي حربه التدميرية التقتيلية الغبية مع شعبه بـ (كتائب القذافي) صراحة وعلنا ودون مواربة، فبشار خاضها بفكرة شيطانية مبتكرة . فقد أفرد شرائحَ مختارة بعناية من أفراد مخابراته وأجهزته القمعية تميزت بالولاء المطلق (قرداحيا) وأطلقها بقسوتها وهمجيتها لتقتل المتظاهرين، ثم زعم، إعلاميا، أنها عصابات سلفية مندسة بين المتظاهرين تقتل المدنيين ورجالَ الجيش والشرطة على حد سواء. وهو بهذا تميز عن رفيقيه القذافي و صالح بكثير. فقد ذبح المئات من الذين تظاهروا، كما فعل رفيقاه، وأنذر من لم يتظاهر بعد، بنفس المصير. وبسهولة وبسرعة انطلت هذه الفرية على العالم الخارجي الغربي الأمريكي الإسرائيلي الراغب في تصديق الأسد، والمتطلع إلى بقائه في السلطة، لضمان حماية أمن إسرائيل، وخوفا من بديل ٍقادم . فأمريكا أعلنت أنها لن تُقوض نظام الحكم في سوريا، وبريطانيا رحبت بإصلاحاته، وفرنسا بلعت صوتها، وإسرائيل أعلنت خوفها من البديل السلفي المتشدد في سوريا. فهل بعد هذا كله يمكن أن نجد في الدنيا بأسرها من ينكر أننا نعيش في عالم بدون أخلاق ولا ضمير؟
-
لنظام الذي ورثه بشار عن ابيه-لنظام الذي ورثه بشار عن ابيه- من غير عدل- كان باستطاعته ان يقوم بالإصلاحات التي وعد بها ولكن مرت ١١ سنة وكانت بعض الصلاحات تلكم التي افادت أقرباءه من ال مخلوف الذين اكلوا الاخضر و اليابس قامت مظاهرات درعا حاملة شعارات الحرية و العدل. قابلها الاخ الصغير ماهر - التاريخ يعيدنفسه حافظ و رفعت والآن بشار و ماهر- فماذا كان رد اانظام على تلك المطالب؟ الضرب القمع الاعتقال فالقتل. و خرج بشار و حكى.و يا ريتو ما حكى. وعد. و سنؤمن مرسيدس لكل طفل.اطلق العنان للأجهزة الأمنية. و هنا السؤال. هل تلك الأجهزة تاءتمر بالرئيس ام بالمافيا التي اغتنت من ٣٠ سنة تسلط و سرقة و تشبيح في لبنان؟ واضح جداً ان الامور يتحكم بها اؤلئك و قد اهالهم الامر بانهم قد يخسرون السلطة فنزلوا الشبيحة و الزعران التي لا طائفة لهم ولا يعبدون الا المال و السلطة و أعاثوا في الارض السورية هذه المرة فسادا و خرابا. اما الان إسقاط النظام هو ما يطالب به الشعب السوري. لكن عليهم ان يدركوا المأساة التي قد تحصل من المافيا. لن يتخلوا عن السلطة بسهولة. سيحرقوا البلد اذا قدروا لحماية وجودهم. نعم قد تصبح معركة وجود لهم شانهم شان القذافي.فعلى بشار رغم كل مساويه ان يقوم بكف يد الأجهزة عن رقاب العباد خاصة انسابه و أقربائه. عليه القيام بخطوات جبارة لإعادة الثقة بالدولة ثم فتح المجال بتداول السلطة الى الوصول الى الديموقراطية. ما زال عنده بعض الوقت فنرجو ان لا يضيعها.
-
حلم ابليس بالجنةالى السادةالمحررين الكرام الملفت للانتباه ان جميع كتاباتكم عن سورية تبين قصر الرؤية و ان دل فهو قلة المعرفة بالوضع السوري و حلم ابليس بالجنة و بحفنة قليلة لا تتجاوز العشرة الاف شخص تتوقعوا ان يسقط نظام الاسد و لا ترى ما مصيرنا نحن ال 22900 مليون المؤيدين لقائدنا ا بهذه السهولة نتخلى عن قائدنا الصحة و التعليم والامان مجانا و رخص المواد الاولية و من الناحية الثانية مرت على سورية ضغوط اصعب بكثير وتجاوزناها فكيف الان ارجوكم التروي وعدم الاسراع بالتصفيق و غدا لناظره قريب
-
يا للمفاجأة!!لأمريكا معشوقة وحيدة في الشرق الأوسط هي إسرائيل، تعادي من يعاديها وتسالم من يسالمها.هذا هو الأساس الذي تبني عليه أمريكا علاقاتها مع الحكام العرب والمسلمين.وحيث أن أمريكا تعلم تماماً أن إسرائيل مرفوضة شعبياً في ديار الحكام،فإنها تسمح لهؤلاء الأخيرين بأستعمال مايرونه مناسباً من ثرثرة ضد إسرائيل وحتى ضد أمريكا نفسها ،إذا كان ذلك يسهل مهمة الحكام في خداع شعوبهم بأن المعركة مع إسرائيل على الأبواب وما على الشعوب إلا الصبر على الذل والمهانة والقهر والفقر والجهل والمرض والبطالة التي ترزح تحته.والويل كل الويل لمن يرفع صوته إحتجاجاً على ذلك كله،" فلا صوت يعلو فوق صوت المعركة؟!!!"كذلك تسمح أمريكا لهؤلاء الحكام بأستعمال مايرونه مناسباً من نفاق لبيع اكذوبة المعركة اياها بطريقة التقسيط المريح من خلال "مرحلة الخطط" كمرحلة "الصمود والتصدي" ومرحلة "الممانعة" ومرحلة "القتال بواسطة حزب الله من لبنان" ومرحلة "القتال بواسطة حماس من غزة"،وذلك كله للوصول إلى مرحلة "تحقيق التوازن الاستراتيجي مع إسرائيل" وما شابة ذلك من أكاذيب اعتدنا سماعها من النظام السوري.الحكم السوري يعرف ذلك كله تماماً ويستفيد من هذه المعرفة إلى أبعد الدرجات.مصيبة الحكم السوري أنه لايعرف أن الشعب السوري كان يعرف ذلك كله إيضاً،فأربعون عاماً من هدوء الجولان باتت كافية.مصيبة الحكم السوري أن الشعب السوري قرر أن ماهو مفيد لإسرائيل وأمريكا ليس مفيداً له ،وبالتالي إنتفض في الشوارع فارضاً على أمريكا أن تخرج إلى العلن وتعلن موقفها الحقيقي من النظام السوري.أقل مايمكن أن يقال عن هذا الموقف أنه ودي إلى حد بعيد .يا للمفاجأة!!
-
جعدنة !قلة الرجال,هذا ما يعاني منه العالم العربي ! قلة الرجال,هذا ما يعطي هؤلاء المفسدين في الأرض,صبية البقرة (cowboys) المستكبرين فرصة للتحدث كآلهة تحدد مصير بلادنا ومن يحكمها ومن يجب أن يعارضهم ومتى يجب أن ينقض عليهم بشرط أن يكون الشعب هواه من هواهم وإلا يترددون قليلا قبل إعطاء الضوء الأخضر ! أشباه الرجال وكثرتهم,هذا أيضا ما يعاني منه العالم العربي! أشباه الرجال,واحد يستحلي طيارة ويعد بموقف سياسي يعجب مالك الطيارة في المقابل !,آخر يحاصر شعبا بأكمله ويمنع عنه الزاد ليفرض عليه توقيع صك بيع لوطنه كي يتمكن من الحصول على جائزة نوبل كسلفه !,ثالث حبيب قلبه أن يشارك في talkshow مع لاري كينج (قبل اعتزاله) حيث يمكنه برفقة زوجته الحسناء أن يري الشعب الأميركي كم هي perfect الaccent التي يملكها وكم هو ملك منفتح وعصري مع العلم أنه إذا أجرى المقابلة مع قناة العربية مثلا شمخ بأنفه وجاوب على قدر السؤال وبان كأنه شامم "ريحة"...ليست لطيفة ! ورابع يرسل مع المرسال كمية من الF*** word يطلقها ضد "شركائه" في الوطن لكي يعرف الفرعون شدة التزامه بالfreedom ! لكن الرجال على قلتهم في هذا العالم العربي استطاعوا بلحمهم العاري أن يرفضوا توقيع استسلام تريده لهم أميركا في فلسطين,وبقليل من الأسلحة إفشال نسخة من نسخها لشرق أوسط جديد,وبكثير من التعالي على الجراح تمريغ أنفها في العراق,وبقدر كبير من الحكمة والشجاعة الوقوف في وجهها في سوريا. يبقى أن صفات الرجال لا تنحصر في الصمود والتصدي فقط,بل من أهم صفات الرجال أن يعطوا كل ذي حق حقه وخصوصا أهل البيت.