لم يكن لشخص كحسني مبارك أن يحكم مصر، طوال 30 عاماً، لو لم تكن «القبضة الحديدية» أداة لنظامه البوليسي. عرف كيف يلقي الخوف في قلوب أبناء «أم الدنيا» بالحديد والنار، بالترهيب والاضطهاد، بالاعتقال والتعذيب والاغتصاب، فلو كان لجدران الزنازين والمعتقلات في أرض الكنانة أن تتكلم لنطقت كفراً بحاكمها، وهي الشاهدة على أوجاع ملايين المصريين الذين حفروا عليها بعض آلامهم.
استطاع حسني مبارك (يحلو لبعض المصريين مناداته باللامبارك) فعل كل ذلك من خلال أجهزته الأمنية، التي تتبع أغلبها لوزارة الداخلية المصرية، ومن أبرزها قوات شبه عسكرية تُعرف بـ«الأمن المركزي»، ويقدّر تعدادها بنحو ربع مليون شخص. أبرز مهمات هذا الجهاز تتلخص في «الحفاظ على الأمن في الأحداث الخطيرة وأعمال الشغب». جهاز آخر يُعرف في مصر باسم «مباحث أمن الدولة»، أنشئ بعد قيام ثورة يوليو/ تموز 1952 ليخلف البوليس السياسي الذي ألغته الثورة. ومنذ تولي مبارك الحكم قبل 30 عاماً، استُخدم هذا الجهاز على نحو واسع في محاربة كل ما يُقرر النظام أن يسميه «إرهاباً». يُتهم هذا الجهاز من الكثيرين في مصر بالعمل على إضعاف المعارضة السياسية، بكل أشكالها، والأهم حماية النظام السياسي القائم وتدعيم ركائزه. وبحسب بعض العارفين بهيكلية الأجهزة الأمنية المصرية، فإن جهاز «مباحث أمن الدولة» يضم مكتباً بعنوان «مكافحة الناصرية»، فلا شُغل لأفراد هذا المكتب إلا مراقبة كل من له هوى وإعجاب بالرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر.
ثمة مكتب آخر في الجهاز المذكور يُعرف باسم «مكافحة الإرهاب الديني». هكذا، أراد مبارك أن يكون أميركياً أكثر من الأميركيين، فرغم شن هؤلاء حروباً عالمية على ما يسمى الإرهاب، فإنهم لم ينشئوا في بلادهم، أقله في العلن، أجهزة تقرن الدين بالإرهاب، غير أن مبارك فعلها مستجدياً بذلك رضى الأميركيين، وطامعاً بدور الشرطي الذي يضمن مرور مصالحهم إلى بلاده وعبرها.
لا يمكن المرور على «مباحث أمن الدولة» من دون التطرق إلى فرع «الكاراتيه». هكذا يُعرف في الشارع المصري. أفراد هذا الفرع ينزلون إلى الشوارع أثناء التجمعات الاحتجاجية بثياب مدنية، يندسون بين المتظاهرين ثم ينقضون عليهم بالضرب والإيذاء قبل الاعتقال. يُشبّه الإعلامي المصري، الزميل عمرو ناصف، أفراد هذا المكتب بقوات «المستعربين» الإسرائيليين في فلسطين المحتلة، الذين يندسّون بين المتظاهرين الفلسطينيين أثناء الاحتجاجات فيضربونهم ويعتقلونهم، لكن «أفراد الكاراتيه في مصر أقسى وأكثر إجراماً».
وفضلاً عن هذه الأجهزة المشار إليها، هناك جهاز الشرطة، الذي يُقدّر البعض عديده بنحو مليون وربع مليون شرطي، أي نحو 2 بالمئة من عدد السكّان، هذا فضلاً عمّن يتعاونون مع الشرطة من غير الموظفين فيها، والذين يقدر البعض أن عددهم يفوق مليون شخص.
تلوح هذه الأيام في بال الزميل عمرو ناصف (الصورة) ذكريات مؤلمة، فيذكر في حديث مع «الأخبار» يوم أوقفه جهاز «مباحث أمن الدولة» قبل 13 عاماً في مصر، ومعه ثلاثة صحافيين هم مجدي حسين ومحمد هلال من جريدة «الشعب»، والصحافي محمد هلال. كانت التهمة آنذاك كتابة مقالات معارضة للنظام الحاكم. يقول ناصف: «جعلونا نسمع ونحن في الزنزانة أصوات صراخ نساء وهن يتعرضن للاغتصاب، وأصوات أخرى من أشخاص يُعذبون». يشرح الصحافي المصري أن الأجهزة الأمنية المصرية تستخدم ما يُعرف بـ«البلطجية»، هؤلاء، فضلاً عن الاستعانة بهم أثناء إجراء كل انتخابات كمخبرين ومخربين، فإنهم يُستخدمون «لضرب الناس وتعذيبهم بأوامر من الأجهزة الأمنية، يفعلون ذلك مقابل أموال تدفع لهم. بعضهم يمتلك أسلحة ينفذ جرائمه فيها، فيما يحمل بعضهم سيفاً معدنياً يعرفه الناس في مصر باسم «سيف عاشورا»، يعذبون الناس فيه ويقطعون أوصالهم، كل ذلك بغطاء من النظام الأمني، بل بطلب منه». أما عن الفساد داخل هذه الأجهزة والرشى والمخصصات المالية التي يتقاضاها ضباط من بعض رجال الأعمال النافذين، «فحدث ولا حرج».
أخيراً، ماذا عن الجيش المصري، وما سر محبة الشعب لهذا الجيش؟ يجيب ناصف: «الجيش منذ تأسيسه عام 1805 وحتى هذه اللحظة، لم يحصل أن اشتبك مع الشعب. لذلك فإن هذا الجيش يمثل عنفوان الشعب وكرامته، هو ثورة 23 يوليو وجمال عبد الناصر وحرب الاستنزاف ومقاومة السويس». ويختم الصحافي المقيم في لبنان بأبيات من قصيدة للشاعر حافظ إبراهيم: «ما رماني رام وراح سليماً، من قديم عناية الله جندي. كم بغت دولة عليّ وجارت، ثم زالت وتلك عُقبى التحدي».
7 تعليق
التعليقات
-
عاشوراءاليوم هو عاشوراء القرن العشرين.منذ الفجر تترى قوافل الشهداء الاطهار الذين قالوا لا في وجه سلطان جائر. واجهوا السيوف والقنابل النارية والرصاص فقط لكي يقنعوا بان الغير مبارك على حق وهم على خطأ, هالهم وقوف الجيش الذي احبهم واحبوه منذ اليوم الاول على الحياد كما خذلهم اكثر الشعب الذي التزم بخطاب السلطان وجنب نفسه عنان النزول لنصرتهم. هم الذين اثاروا اعجاب العالم باحترامهم للناس والامن والممتلكات العامة على مدى اكثر من اسبوع مع وجود الملايين في الميدان وما من احد اشتكى من ضربة (قلم),ها هم اليوم يضربون بالنار من افراد امن السلطان الجائر, من يزيد القرن العشرين .انتم ايها الشباب الابطال والشهداء الابرار اعلموا انكم عشتم وتعيشون الايام العشرة الاخيرة لسيد الشهداء , الحسين , انكم انشاء الله صدى طيب لثورته ضد الجور والقهر والحرمان من الدواء . انتم عزل تواجهون جيشا من الكفرة واسمح لنفسي بأن استعمل هذه الكلمة فمن يرتكب ما ارتكبه يزيد قاتل الحسين وما يرتكبه يزيد مصر هو ليس من المؤمنين في شيء.المؤمن هو من سلم الناس من سيفه ويده ولسانه , وما عدا هذا هو غير مؤمن مهما كان دينه, والسلام على من دعا الله ان ينصر المظلومين والمقهرين في ارجاء هذه المعمورة .
-
العالم الجديدان شعب مصر الابي وثورته الرائعة ,ثورة اللحم العاري بمواحهة عصابة حاقدة انما لا تسقط نظاما رجعيا متخلفا باع كل مقدرات مصر فقط انما تدك ايضا بضربة موجعة النظام العالمي الجديد القديم وتفتح الباب امام الشعوب لتحطيم نظام السلب والنهب العالمي بقيادة الولايات المتحدة نعم انها ثورة اسقاط الليبرالية وجديدها ونظم مابعد الحداثة انها ثورة استعادة الشعوب لكرامتها وثقافاتها وخبزها وحقها في الحياة الكريمةانها ثورة وقف نهب ثروات الشعوب ووقف تدمير الطبيعة انها ثورة استعادة دولة الرعاية وتحطيم قانون السوق انها الضوء القادم لزمن جميل ولكنه مليء بدماء الاحرار.
-
أيها الجيش، كفاك خوفاًأيها الجيش، كفاك خوفاً وتردداً واجبك الوطني هو حماية المظلوم، وسواء كان المعتدي من هذا الطرف أو ذاك عليك إيقافه عن الاعتداء، فما بالك بمن يعتدي على العزل بالأسلحة البيضاء والنارية؟؟!! واجبكم حفظ الاستقرار في البلد، فكفى مماطلة وتسويفاً... الشعب عايز مبارك يمشي، ولا شيء آخر... فخليه يمشي ويرحم مصر بقى!!!
-
1 مليون شرطي و ربع او أكثر؟لانه من غير الطبيعي ان يستيقظ موالوا السلطة من الشعب فجأة و يأتون عل خيولهم و جمالهم (لاحظ انه من المستحيل لسكان القاهرة ان يمتلكو خيول و جمال: اولا لعدم وجود مزارع هناك, كل المنطقة عبارة عن مباني سكنية بحته و ثانيا لغلاء تلك الدواب اصلا) لمناصرة حسني.. هم جنوده المليون و ربع. و الجيش تخلى عن شعبه..و ما من مناصر او نصير..
-
صحيح ان هناك قبضة امنية تحكمصحيح ان هناك قبضة امنية تحكم هذه البلاد ولكن ماحرك الشعب في هذه الثورات امرين اولا لقمة الخبز وتانيا التباين الايديولوجي الواسع بين الشعب والدولة والمتمثل تحديدا في العلاقة مع اسرائيل والتبعية لامريكا واذا ما دققنا في توافر هذان الامرين في كل بلد نجد ان سوريا على الاقل ضمن الظرف الراهن في منأى عن اي حالات تمرد او غضب ضد الحكومة القائمة فيها
-
الديكتاتوريات العربـية بداية النهايةينطبق الامر ذاته في ليبيا, الاردن, السعودية و سوريا حيث من يؤمن استمرار الحكم من خلال قبضة المخابرات و لعل ذلك كان حلم البعض اللبناني من خلال الاستثمار العالي في قوى الامن و شعبة المعلومات.