دخلت سوريا منعطفاً حاداً يأخذها إلى نفق جديد. انجازات الجيش النظاميّ يُعمل ليردّ عليها بانجازات مماثلة. الميدان بالميدان. هذا الواقع لم يكرّس أول من أمس في اجتماع وزراء الخارجية العرب ولا في بيانها الداعي لدعم المعارضة بكافة السبل، حتى العسكرية منها، وإن كان تظهّر بشكل أكثر علانية. فالقرار القطري سابق لهذا الاجتماع. في القاهرة «بصموا» فقط. منذ تراجع رئيس «الائتلاف» أحمد معاذ الخطيب عن مبادرته، واعلانه رفضه زيارة موسكو، والمعارضة تتجه نحو تعزيز وضعها في الداخل أكثر.
التسليح لم يتوقف، وما بدأت بكشفه كبريات الصحف الغربية جاء متأخراً شهوراً عديدة. المشهد العسكري شبه مكتمل منذ فترة ليست قريبة. «مزراب» تركيا مفتوح على مصراعيه، وخط ليبيا بالبشر والعتاد ناشط بقوة.
معطيات تمهيدية لما بات متعارفاً عليه، من النظام والمعارضة على حد سواء، بـ«المعركة الكبرى»، أو «الفرصة الأخيرة» للمعارضة قبل العبور نحو مرحلة تفاوض وفي جعبتها مكاسب حقيقية. وهو ما بدا أنه جاء بكلمة سر حملها جون كيري إلى الأطراف التي التقاها في جولته الأخيرة، والتي جاءت بمثابة حبل إنقاذ للمعارضة السورية التي وجدت نفسها في وضع لا تحسد عليه، ميدانياً وسياسيّاً.
لكن القيادة السورية تحيك رداء آخر. الجيش المتماسك أساس النسج الرسمي. سياسة النفس الطويل التي تعتمدها دمشق ناجحة حتى الآن. زوّار قصر المهاجرين ينقلون عن رأس النظام أنّه يتعامل اليوم مع «جبهة النصرة». أي مع «الارهاب» الذي يخشاه الغرب ويعمل على محو صورته. «الغرب استوعب الفخّ»، ينقل أحد زائري الرئيس السوري بشار الأسد.
للأسد رؤيته في ما يتعلق بحملة التسليح. فكلامه لزواره، الذين التقوه قبل أن يصدر «بيان حرب» مجلس الجامعة العربية، يؤكد أن القراءة السياسية لدمشق لا تزال صائبة. فهو رأى أن تسليح المعارضة يأتي ضمن إطار طلب تركي ــ قطري كفرصة أخيرة بانتظار «المعركة الكبرى».
فرصة يبدو أن «الائتلاف» تلقفها بنهم. فأجواؤه تشير إلى أن بيان الجامعة مثّل بالنسبة إليه «كوب ماء لتائه في الصحراء»، أو كدفعة لاكمال طريق بان أنه مسدود بفعل استعصاء التقدم العسكري النوعي واستحالة انتزاع أي موقف «تنازليّ» من السلطات السورية.
«زيارة جون كيري تشير إلى موقف أميركي نصف متقدم»، يقول عضو الهيئة السياسية للائتلاف خالد الناصر لـ«الأخبار». هناك شيء من التغيّر، يضيف. ويظهر بعد قرار جامعة الدول العربية كما لو أعطي الائتلاف مهمة وجب اتمامها. اذهبوا وشكّلوا حكومة، يدلّ شرط الجامعة لاشغال المعارضة لمقعد سوريا فيها. بين الفشل والتأجيل المستمر، يجتمع الائتلاف على يومين في اسطنبول يوم الثلاثاء المقبل لتشكيل هذه الحكومة. أصبح الوقت مناسباً لهذا الأمر، يؤكد الناصر.
ويعود الناصر في حديثه لما يبحث إخوانه اليوم عنه، ليشير إلى أنّ «التحول الغربي نحو دعم المعارضة المسلحة سوف ينسحب على أن يكون نشاط الجيش الحرّ أكثر فاعلية. هذه التطورات هي رسائل واضحة للنظام ليدرك أن مقاومته غير مجدية».
لكن للعضو الآخر في الهيئة، سمير النشار، موقفاً آخر حذراً. الغرب برأيه اقترب من رأي «الائتلاف»، وما فعله العرب في الجامعة خطوة إيجابية واعتراف سياسي متقدم. لكن هذه عوامل «تحفيزية» نحو تحقيق مكاسب. إذ برأيه طرح التسليح الجدي ما زال في مرحلته الأولية، وسيكون البحث (الذي لم يحدث بعد) مع رئيس «الأركان المشتركة للجيش الحر» سليم إدريس، عن خطة مشتركة حول آلية توزيع الأسلحة والأطراف التي سوف تحظى بها.
مع بدء حديث أميركا والغرب عن أهمية تمكين المعارضة المسلحة المعتدلة، تزاوجت هذه الأدبيات مع رؤية جزء أساسي من المعارضة. أصبح يهمّه، ولو اعلامياً، أن تؤكد على إيجاد آلية يصل العتاد عبرها «للمقاتلين السوريين».
هذه قيادة «الأركان المشتركة» للجيش الحر، تعمل على «مشروع عسكري كبير ستتضح معالمه في الفترة المقبلة»، حسبما قال لـ«الأخبار» المتحدث الاعلامي باسمه فهد المصري. «بعد خيانة دولية لمدة سنتين تغيّر شيء من الواقع». ويرى المصري أنّه حان الوقت لتحرك داخلي بمؤازرة الخارج.
كما يروي في حديثه لـ«الأخبار» أنّه ستقدم وثيقة للموفد العربي والدولي الأخضر الإبراهيمي لطرحها على مجلس الأمن في شروط الجيش الحر بالمطالبة بتحييد سلاح الطيران واستخدام الصواريخ البالستية، والاستعداد بعدها لاطلاق مفاوضات أساسها تبادل اطلاق سراح المعتقلين من الجانبين.
تعمل هذه القيادة الجديدة للجيش الحر على الامساك بزمام المبادرة وتأكيد دورها كطرف أساسي. منذ يومين توجّه سليم ادريس نحو بروكسل. في قاعة البرلمان الأوروبي طلب السلاح. «نحنا هنا موحّدون ولا نريد سوى السلاح»، كان لسان حاله.
وما بين رؤية النظام ورؤية الائتلاف والجيش الحر، هناك رؤية سورية معارضة مغايرة. فالمعارض السوري البارز هيثم مناع لديه وجهة أخرى، ويرى أنّ الحل السلمي مطروح دائماً، لكن هناك وضعاً حالياً أصبح أقوى منه من أي وقت مضى. ويتابع في حديثه لـ«الأخبار» أنّه «عندما يتمكن حمد من دفن الحلّ السياسي، فطز بهكذا حل». مناع يربط الحلّ ببقاء الكيان السوري. إنّه النداء الأخير قبل الصوملة، يقول.
في رأي منّاع أنّ هناك ما لم يقرأ بشكل واضح في حديث كيري. إذ يعتبر أنّ مجرد «قوله (كيري) إنّ المساعدة العسكرية هي للأطراف المعتدلة في الائتلاف أيّ أن هناك طرفاً متطرفاً». الحكومة المرتقب تشكيلها لا تقدّم ولا تؤخر. الرؤية العامة لا تلتفت لهذه التفاصيل. فليشكّل كيري حكومة مؤقتة، يقول منّاع هازئا. الحل، برأيه، ليس ابن ترف فكري بل هو ابن حاجة وجودية فيها حياة أو بقاء الكيان السوري.
8 تعليق
التعليقات
-
لا يقدم و لا يؤخرلم يتوقف يوما دعم قادة الجامعة الجدد لثوار سوريا بين هلالين بالسلاح و المال و ما القرار الجديد الا تحبير ما هو قائم فعلا فانه لا يقدم و لا يؤخر
-
ليست المعركة الأخيرة ... هي حرب أخصام الولايات المتحدة المستمرة حتى يستيقظ العرب ... كيف تصلح الصهيونية الأميركية بين خصميها و ليست متصالحة مع أي من الطرفين ؟؟؟ هي ستستمر في تسليح من يضعف سواء على حساب قطر أو ايران أو سواهما حتى الفناء لو أمكنها ؟؟؟ صدقوا أنها لن تسمح لا بسقوط النظام و لا بسقوط المعارضة و إلى ما شاء الله أو دمارهما معا ... سينتظر المراهنون طوووووووووووووووويلا .
-
سوريانعم انها اخر وصفة. فامركا تريد تمرير صفقطها مع روسيا قبل الأنسحاب من افغانستان.خاصة بعد ما استجد من امور في الكوريتين .واما بالنسبة للأعراب فيريدون ان يخرجو بقليل من حفظ ماء الوجه لكنه بعد فواة الأوان.اما تركيا فحلمها لن يتحقق بالدخول الى أوروبا وهي الخاسر الأكبر.
-
ليست جامعة وليست عربية منذ انليست جامعة وليست عربية منذ ان انشئت
-
كلام سياسيي 14 آذارأولا أتكنى عندما ينبري أي أحد من أبطال 14 آذار ليتكلم بلسان الشيعة ورأيهم وخوفهم من حزب الله أو سلاحه أن يتم أسكاته أو أخراسه إذا أمكن فنحن من. يقرر ما هو رأينا بالحزب
-
ما زالت الفرصة متاحةان الحروب لا تأتي الا بالدمار على الأوطان ، ولا تؤدي الا لقتل الناس الإبرياء والذين لا ناقة ولا جمل لهم ، همّ هؤلاء الوحيد العيش بأمن وامان ، فماذا قدّمت لهم هذه الحرب ؟ لقد دمّرت الوطن وقضت على العيش الآمن وقتلت من قتلت ، وما همّ هذا الإنسان الذي كان يعيش بسلام مع اهله وجيرانه ، وينتقل ليل نهار وساعة يشاء من مكان لآخر دون ان يعترضه لص او مسلح او قاطع طريق . ان خطيئة هذا الشعب هي في رقاب اعضاء ما سمي بالمعارضة، هذه المعارضة التي ساهمت بالتدخل الخارجي الذي احضر الى ساحة القتال انواعاً واجناساً من البشر . خطيئة هذا الشعب والظلم الذي لحق به متجاوزاً ما كان يسمونه ظلماً وكبتاً، تتحمله هذه المعارضة التي ستحاسب ذات يوم . إن الخارج لا يرحم وانتم يا سادة تعلمون ذلك ، لأن هذا الخارج لا يعمل الا وفق مصالحه الخاصة . لا زالت الفرصة متاحة ولكن ينقص البعض الجرأة للإندفاع نحو حوارٍ يأخذ البلد الى الإستقرار ، إن ادخال الملحدين والأصوليين لا يخدم المعارضة ولا الدولة . والذين يريدون الحرية للشعب لا يساهمون في قتل هذا الشعب ، والنأي بالنفس جريمة بحق الإنسان ، انه من واجب الجميع ودون حقد او ضغينة ، ودون التطلع الى المصالح الخاصة والضيقة ، من واجب هؤلاء العمل على تقريب وجهات النظر والعمل على الحل السلمي وبالحوار البناء، الأمر سهل المنال إن وضع كل انسان نفسه في المكان الصحيح ، والنظر بعين واحدة لا يساهم في الوصول الى الحل. والتحريض من قبل البعض بسبب ابعادهم عن السلطة حقد اعمى يضر الجميع،
-
طبل كيري و حمد فارغ!آسف ان أقول ان الأخبار وقعت في فخ التسريبات الاستخباراتية ليس هناك معركة كبرى يعدها مرتزقة حمد و لا ما يحزنون، انها سياسة تسمين العجول كما يسميها ناصر قنديل حتى يكبر ثمنها. المرتزقة ينهارون قبل الأوان الأميركي المحدد لهم، اي قبل التسوية الروسية الأميركية، فلروسيا و اميركا اجندتهم و للجيش العربي السوري كلمة الفصل. تحولهم الى الرقة ليس إنجاز انما دليل تخبط و ارتباك، و محاولة إنجاز اي شيء قبل بدء المفاوضات. الانهيار الدراماتيكي للمرتزقة اصبح وشيك و قريباً جبهة النصرة ستصبح مشكلة اوردوغان عندما يدحرهم الجيش العربي السوري الى الداخل التركي.